يومك هذا وإن يدركني ذلك لأجاهدن معك، فلما توفي قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "لقد رأيت القس في الجنة عليه ثياب الحرير لأنه آمن بي وصدقني" وقد أخرجه البيهقي في الدلائل من هذا الوجه وقال هذا منقطع.
(قلت)[أي ابن حجر]: يعضده ما أخرجه الزبير بن بكار حدثنا عثمان عن الضحاك ابن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن عروة بن الزبير قال: كان بلال لجارية من بني جمح وكانوا يعذبونه برمضاء مكة يلصقون ظهره بالرمضاء لكي يشرك فيقول أحد أحد، فيمر به ورقة وهو على تلك الحال فيقول أحد أحد يا بلال والله لئن قتلتموه لأتخذنه حنانًا، وهذا مرسل جيد يدل على أن ورقة عاش إلى أن دعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الإسلام حتى أسلم بلال، والجمع بين هذا وبين حديث عائشة أن يحمل قوله: ولم ينشب ورقة أن توفي، أي قبل أن يشتهر الإسلام ويؤمر النبي صلى الله عليخ وسلم بالجهاد، ولكن يعكر على ذلك ما أخرجه محمد بن عائذ في المغازي من طريق عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس في قصة ابتداء الوحي وفيها قصة خديجة مع ورقة بنحو حديث عائشة، وآخرها لئن كان هو ثم أظهر دعاءه وأنا حي لأبلين الله من نفسي في طاعة رسوله وحسن موازرته فمات ورقة على نصرانيته، كذا قال لكن عثمان ضعيف وقال الزبير: كان ورقة قد كره عبادة الأوثان وطلب الدين في الآفاق وقرأ الكتب وكانت خديجة تسأله عن أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيقول لها: ما أراه إلا نبي هذه الأمة الذي بشر به موسى وعيسى.
وفي المغازي الكبير لابن إسحاق وساقه الحاكم من طريقه قال: حدثني عبد الملك بن عبد الله بن أبي سفيان بن العلاء بن حارثة الثقفي وكان راعيه، قال قال ورقة بن نوفل فيما كانت خديجة ذكرت له من أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
يا للرجال وصرف الدهر والقدر
وفيها:
هذي خديجة تأتيني لأخبرها ... ومالنا بخفي الغيب من خبر
بأن أحمد يأتيه فيخبره ... جبريل أنك مبعوث إلى البشر