للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومما يستدل به على ذلك قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا} (١).

٢ - وجوب نصرة المسلمين لبعضهم، مهما اختلفت ديارهم وبلادهم ما دام ذلك ممكناً. فقد اتفق العلماء والأئمة على أن المسلمين إذا قدروا على استنقاذ المستضعفين أو المأسورين أو المظلومين من إخوانهم المسلمين، في أي جهة من جهات الأرض، ثم لم يفعلوا ذلك، فقد باءوا بإثم كبير.

يقول أبو بكر بن العربي: إذا كان في المسلمين أسراء أو مستضعفون فإن الولاية معهم قائمة، والنصرة لهم واجبة بالبدن، بأن لا تبقى منا عين تطرف، حتى نخرج إلى استنقاذهم إن كا عددنا يحتمل ذلك، أو نبذل جميع أموالنا في استخراجهم، حتى لا يبقى لأحد درهم من ذلك، أهـ.

أقول: ليست الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام واجبة في كل حال، وإن اشتهر من مذهب الحنفية ذلك كما اشتهر في مذهبهم وجوب الهجرة من دار البدعة إلى دار السنة فالأمر فيه تفصيل.

فإذا كنت في دار كفر لكنك حر آمن تستطيع أن تعبد الله وتدعو إليه ولا تخشى على نفسك وأهلك وذريتك الفتنة، ولم يطلب منك أمير المؤمنين الشرعي الهجرة إلى دار الإسلام، فمقامك حيث أنت أجود وأطيب وأكثر أجراً، بل اعتبر الشافعية أنه يندب لك البقاء لأنه ببقائك يصبح جزء من دار الكفر دار إسلام.

أما حيث يخاف المسلم الفتنة على نفسه وأهله أو ذريته فعندئذ تجب عليه الهجرة إن كان قادراً عليها ووجدت الجهة التي تستقبله ولا يخشى فيها الفتنة على نفسه وأهله وذريته، وفي عصرنا تجد الأمر في غاية التعقيد، فليس الخروج من بلد إلى بلد سهلاً، واحتمال الفتنة قائم


(١) النساء: ٩٧، ٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>