للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٠٢ - * روى البخاري عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: جاء أبو بكر رضي الله عنه إلى أبي في منزله، فاشترى منه رحْلاً، فقال لعازبٍ: ابعث ابنك يحمله معي، قال فحملته معي، وخرج أبي ينتقد ثمنه، فقال له أبي: يا أبا بكرٍ حدثني كيف صنعتما ليلة سريت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، أسرينا ليلتنا ومن الغد، حتى قام قائمٌ الظهيرة، وخلا الطريق لا يمر فيه أحد، فرفعت لنا صخرة طويلة لها ظل لم تأت عليه الشمس، فنزلنا عندها وسويت للنبي صلى الله عليه وسلم مكاناً بيدي ينامُ عليه وبسطتُ عليه فروةٌ، وقلت له: نم يا رسول الله، وأنا أنفض لك ما حولك، فنم، وخرجت أنفضُ ما حوله، فإذا أنا براعٍ مقبلٍ بغنمه إلى الصخرة، يريدُ منها الذي أردنا، فقلتُ: لمن أنت يا غلام؟ فقال: لرجل من أهل المدينة، فقلت: أفي غنمك لبن؟ قال: نعم، قلتُ: أفتحلبُ لي؟ قال: نعم، فأخذ شاة، فقلتُ: انفض الضرع من التراب والشعر والقذي - قال: فرأيت البراء يضربُ إحدى يديه على الأخرى ينفضُ - فحلب في قعبٍ كثبة من لبنٍ، قال: ومعي إداوةً حملتها للنبي صلى الله عليه وسلم يرتوي منها ويشربُ ويتوضأ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فكرهتُ أن أوقظه فوافقته حتى استيقظ - فصببت من الماء على اللبن حتى برد أسفلهُ، فقلت: يا رسول الله اشرب: فشربَ حتى رضيتُ، ثم قال: "ألم يأن للرحيل؟ " قلت: بلى، قال: فارتحلنا بعدها مالت الشمسُ، وأتبعنا سُراقة بن مالك، فقلت: أُتينا يا رسول الله، فقال: "لا تحزن، إن الله معنا" فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فارتطمت به فرسه إلى بطنها: فقال: إني أراكما قد دعوتما عليِّ، فادعوا لي، فالله لكما أنْ أرد عنكما الطلب، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنجا، فجعل لا يلقى أحداً إلا قال: كفيتكم ما هنا، فلا يلقى أحداً إلا رده قال: ووفى لنا


٢٠٢ - البخاري (٦/ ٦٧٢) ٦١ - كتاب المناقب (٢٥) باب علامات النبوة في الإسلام.
ومسلم (٤/ ٢٣٠١) ٥٣ - كتاب الزهد والرقائق - ١٩ - باب: في حديث الهجرة.
الرحل: سرج البعير - وهو الكور - وقد يراد به القتب والحداجة. قائم الظهيرة: أشد الحر وسط النهار، وقائمها: وقت استواء الشمس في وسط السماء (أنفض لك ما حولك) أي أحرسك وأطوف هل أرى أحداً يطلبك.
قصب: قدح ضخم غليظ. كثبة: الكثبة: القليل من اللبن. ألم يأن: ألم يقرب ويجيء وقت الرواح. الجلد. الأرض الغليظة الصلبة. أتينا: المراد: أنهم لحقونا وأدركونا. فارتطمت: ارتطمت في الوحل: إذا مشيت فيه ولم تكد تتخلص، وارتطم الرجل في أمره: إذا سدت عليه مذاهبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>