فيها أمور دينهم، وأحكام شريعتهم، وأيامهم الماضية، وأخبارهم الخاصة برسلهم وأنبيائهم، كما كانت أماكن خاصة يقيمون فيها عباداتهم وشعائر دينهم، وكانت تسمى (المدارس) وكان المكان الذي يتجمع فيه اليهود لتبادل المشورة في سائر أحوالهم الدينية والدنيوية.
وكانت لهم تشريعاتهم ونظمهم الخاصة بهم، أخذوا بعضها عن كتبهم، وبعضها وضعه لهم كهانهم وأحبارهم من عند أنفسهم، وكانت لهم أعيادهم الخاصة بهم، وأيام خاصة، يصومون فيها، كيوم عاشوراء.
وكانت معظم معاملاتهم مع غيرهم تقوم على الرهون وتعاطي الربا، وكانت لهم من طبيعة منطقة المدينة الزراعية فرصة إلى ذلك، لأن الزراع عادة يحتاجون إلى اقتراض الأموال لحين الحصاد.
وكانت المراهنة لا تقتصر على الرهائن المالية، بل تخطتها إلى مراهنة النساء والولدان وقد جاء في قصة قتل كعب بن الأشرف النضري التي رواها الإمام البخاري - رحمه الله - في صحيحه، أنه قال له محمد بن سلمة: قد أردنا أن تُسلفنا وسقا أو سقين، فقال: نعم، أرهنوني. قالوا: أي شيء تريد؟! قال: أرهنوني نساءكم، قالوا: كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب، قال: فأرهنوني أبناءكم، قالوا: كيف نرهنك أبناءنا فيسب أحدهم فيقال رُهِنَ بوسْق أو وسقين، هذا عار علينا، ولكنا نرهنك اللاّمَة (١).
ومن طبيعة هذه المراهنات خصوصاً إذا كانت في الأبناء والنساء نشوه الحقد والكراهة بين الراهنين والمرتهنين، لا سيما لأن العرب اشتهروا بالغيرة الشديدة على نسائهم وشدة الأنفة.
وقد ترتب على سيطرة اليهود على الجوانب الاقتصادية في المدينة وضواحيها أن قوي نفوذهم المالي، وصاروا يتحكمون في الأسواق تحكماً فاحشاً، ويحتكرونها لمصلحتهم