وكان من جملة بطون الخزرج أربعة أبطن، وهم: مالك، وعدي، ومازن، ودينار، كلها من بني النجار المعروف بـ (تيم اللات)، وقد سكنت بطون بني النجار في المنطقة الوسطى التي حول مسجد النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد سكن الأوس المناطق الزراعية الغنية في المدينة، وجاوروا أهم قبائل اليهود وجموعهم، واستوطن الخزرج مناطق أقل خصباً، وقد جاورهم قبيلة يهودية كبيرة واحدة، وهي القينقاع.
ليس من السهل الحصول الآن على إحصاء دقيق عن عدد رجال الأوس والخزرج، ولكن الباحث المتتبع للحوادث يستطيع تحديد قوتهم الحربية م المعارك التي خاضوها بعد الهجرة، فقد بلغ عدد محاربيهم في يوم فتح مكة أربعة آلاف مقاتل.
وكان العرب في وقت الهجرة النبوية أصحاب الكلمة العليا في يثرب، وبيدهم كان توجيه الأمور بها، ولم يستطع اليهود مقابل ذلك أن يجمعوا كلمتهم، ويقفوا صفاً واحداً في وجه خصومهم، فتفرقت بطونهم، ودخل بعضها في محالفات مع الأوس، ودخل بعضها في محالفات مع الخزرج، وكانوا في القتال أقسى على بني جنسهم من العرب، واستحكم عداء بين بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة، جعل بني قينقاع يتركون أرضهم وزرعهم، ويقتصرون على الصياغة.
ووقعت كذلك بين الأوس والخزرج حروب كثيرة، أولاها حرب (سمير) وآخرها حرب (بُعاث) قبل الهجرة بخمس سنوات، وقد عمل اليهود على الدس بين الأوس والخزرج، وتشجيع عوامل الفرقة، وإذكاء روح التحاسد، حتى يشغلوهم بأنفسهم عنهم، وقد أدرك العرب منهم ذلك فلقبوهم بـ (الثعالب).