للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والذي استخلصه العلماء بعد البحث والتتبع أن الإمام البخاري في صحيحه التزم أعلى درجات الصحة، ولا ينزل عن هذه الدرجة إلا في بعض الأحاديث التي ليست من أصل موضوع الكتاب كالمتابعات والشواهد (١)، والأحاديث المروية عن الصحابة والتابعين.

وليس من شك في أن الرواة يتفاوتون في الأخذ عن شيوخهم إتقاناً وضبطاً، وطول ملازمة ومصاحبة وقلة ذلك، كما يتفاوتون في العدالة والأمانة، والبخاري في صحيحه إنما يعتمد من الرواة من كانوا في أعلى الدرجات من هذه الصفات وسأوضح ذلك بمثال: ذلك أن تلامذة الإمام الزهري مثلاً على خمس طبقات ودرجات ولكل طبقة مزية على التي تليها:

الطبقة الأولى: هم الذي امتازوا بالعدالة والحفظ والإتقان والأمانة، وطول الملازمة للزهري في السفر والحضر مثل: مالك وسفيان بن عيينة ورجال هذه الطبقة هم مقصد البخاري في صحيحه.

الطبقة (٢) الثانية: وهم الذين شاركوا الأولى في التثبت والأمانة، إلا أن رجال الأولى امتازوا بطول المصاحبة للزهري سفراً وحضراً، أما رجال الثانية فلم يلازموا الزهري إلا مدة يسيرة فكانوا في الإتقان والمعرفة بحديثه دون الأولى، وذلك مثل: الأوزاعي والليث بن سعد ورجال هذه الدرجة الثانية يعتمد رواياتهم الإمام مسلم، أما البخاري فلا يخرج من أحاديثهم إلا قليلاً في غير أصول الكتاب كما ذكرنا آنفاً.

الطبقة الثالثة: " وه من دون الثانية مثل: جعفر بن برقان وزمعة بن صالح، فلا يخرج لهم البخاري أصلاً. وقد يخرج لهم في المتابعات والشواهد.

أما رجال الطبقة الرابعة والخامسة: وهم المجروحون والضعفاء فلا يخرج لهم البخاري ومسلم.

وهكذا يتبين لنا أن شرط البخاري في صحيحه في القمة.

* * *


(١) المتابعة: موافقة راو لراو آخر في رواية لفظ الحديث، والشاهد: الحديث الذي يوافق حديثاً آخر في معناه.
(٢) الطبقة: هم الرواة الذين تقاربوا في السن ولقاء الشيوخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>