وحول المؤاخاة قال الدكتور مصطفى السباعي: في مؤاخاة الرسول بين المهاجرين والأنصار أقوى مظهر من مظاهر عدالة الإسلام الإنسانية الأخلاقية النباءة، فالمهاجرون قوم تركوا في سبيل الله أموالهم وأراضيهم، فجاؤوا المدينة لا يملكون من حطام الدنيا شيئاً، والأنصار قوم أغنياء بزروعهم وأموالهم وصناعتهم. فليحمل الأخ أخاه، وليقتسم معه سراء الحياة وضراءها، ولينزله في بيته ما دام فيه متسع لهما، وليعطه نصف ماله ما دام غنياً عنه، موفراً له، فأية عدالة اجتماعية في الدنيا تعدل ههذ الأخوة؟
إن الذين ينكرون أن يكون في الإسلام عدالة اجتماعية، قوم لا يريدون أن يبهر نور الإسلام أبصار الناس ويستولي على قلوبهم، أو قوم جامدون يكرهون كل لفظ جديد ولو أحبه الناس وكان في الإسلام مدلوله، وإلا فكيف تنكر العدالة الاجتماعية في الإسلام وفي تاريخه هذه المؤاخاة الفذة في التاريخ. وهي التي عقدها صاحب الشريعة محمد صلى الله عليه وسلم بنفسه، وطبقها بإشرافه.