للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الله به، وناط سعادتهم في الدنيا والآخرة بالبقاء عليه فقال: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (١).

وزكى القرآن عمل "عبد الله" وصحبه، فقد نفذوا أوامر الرسول بأمانة وشجاعة وتوغلوا في أرض العدو مسافات شاسعة؛ متعرضين للقتل في سبيل الله متطوعين لذلك من غير مكره أو محرج.

فكيف يُجزن على هذا بالتقريع والتخويف؟ قال الله فيهم:

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٢).

والقرآن في فعال هذه السرية، لم يدع مجالاً للهوادة مع المشركين المعتمدين مما كان له أثره البعيد لدى المسلمين وخصومهم.

فبعد أن كان أغلب المكتتبين في السرايا السابقة من المهاجرين، أخذت البعوث الخارجة تتألف من المهاجرين والأنصار معاً.

وزاد الشعور بأن الكفاح المرتقب قد يطول مداه، وتكثر تبعاته، ولكنه كفاح مستحب، مقرون بالخير العاجل والآجل.

وأدركت مكة أنها مؤاخذة بما جد أو يجد من سيئاتها، وأن تجارتها مع الشام أمست تحت رحمة المسلمين.

وهكذا اتسعت الهوة، وزادت بين الفريقين الجفوة.

وكأن هذه الأحاديث الشداد هي المقدمة لما أعده القدر بعد شهر واحد من وقوعها عندما جمع رجالات مكة. وخيرة أهل المدينة على موعد غير منظور في "بدر".


(١) البقرة: ٢١٧.
(٢) البقرة: ٢١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>