الطائف وحنين واحدة لتقاربهما، فيجتمع على هذا قول زيد بن أرقم وقول جابر.
وقد توسع ابن سعد فبلغ عدة المغازي التي خرج فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه سبعاً وعشرين، وتبع في ذلك الواقدي، وهو مطابق لما عده ابن إسحاق إلا أنه لم يفرد وادي القرى من خيبر، أشار إلى ذلك السهيلي، وكأن الستة الزائدة من هذا القبيل، وعلى هذا يحمل ما أخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح عن سعيد بن المسيب قال: غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعاً وعشرين، وأخرجه يعقوب بن سفيان عن سلمة بن شبيب عن عبد الرزاق فزاد فيه أن سعيداً قال أولاً: ثماني عشرة، ثم قال: أربعاً وعشرين، قال الزهري: فلا أدري أوهم أو كان شيئاً سمعه بعد. قلت: وحمله على ما ذكرته دفع الوهم ويجمع الأقوال، والله أعلم. وأما البعوث والسرايا فعد ابن إسحق ستاً وثلاثين وعد الواقدي ثمانياً وأربعين. وحكى ابن الجوزي في (التلقيح) ستاً وخمسين، وعد المسعودي ستين، وبلغها شيخنا في "نظم السيرة" زيادة على السبعين، ووقع عند الحاكم في "الإكليل" أنها تزيد على مائة، فلعله أراد ضم المغازي إليها. أهـ.
لقد كانت مرحلة عجيبة في تاريخ البشرية برجالها وأعمالها وبمجموع ما تم ويكفي أنها وضعت الأمة الإسلامية على طريق الانطلاق في حيوية متجددة، وأنها أسلمت الإسلام لهذا العالم هادياً قوياً دائم التوسع والانتشار، وجعلت العالم القديم كله أمام خيار وحيد إما أن يسلم للحق أو يستسلم لأهله.