عندما تلتقي قوتان ماديتان، ففي ميزان الأسباب تتغلب الأوزان في قوانين الكون، فإذا تعادل السلاح والأرض والمقاتلون والقيادة والوسائل فلا انتصار لإحدى القوتين، وإذا حدث التفاضل فالميزان في النهاية لمن فضل، وإرادة الله غالبة، أما في الموازين الإيمانية فالنصر من عند الله ولو قلت الإمكانات أمام الإمكانات، ففي غزوة بدر كان المشركون متفوقين من بعض النواحي، وكان المسلمون متفوقين من بعض النواحي، ولك يبقى تفوق المشركين من الناحية المادية أوضح ولكن جند الله غلب بفضل الله عز وجل.
اجتمع على المشركين البطر والغرور والرياء والشقاق وعدم وحدة القيادة، واجتمع للمسلمين أن خذل الله بعض المشركين فانسحبوا، وأنزل الله مطراً قبيل المعركة كان لصالح المسلمين، وأرى الله عز وجل المشركين المسلمين ضعفيهم أثناء القتال فوهنوا، وأنزل ملائكة وقذف رعباً، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو القائد وهو أحب قائد في التاريخ لجنده مع طاعة لا مثيل لها، واجتمع مع الحب والطاعة للقائد الدعاء والشورى والإقبال على الشهادة والتنافس على الآخرة، وبذل الجهد في القتال وإحكام الرأي وتجنب الظلم والبغي وحسن الترتيب والتنظيم والسبق إلى الأمكنة الاستراتيجية، وكلها توفيقات سياسية وتأييدات، وللمسلمين مثلها، ومن ثم كان لبدر هذا الشأن العظيم في التاريخ الإسلامي وعند المسلمين فهي كما قال الأستاذ الندوي:
فكل ما حدث من فتوح وانتصارات، وكل ما قام من دول وحكومات، مدين للفتح المبين في ميدان بدر، ولذلك سمى الله هذه المعركة بـ"يوم الفرقان" فقال:
ولأهمية بدر قد ذكرها الله في سورة آل عمران كما أنزل فيها سورة كاملة هي سورة الأنفال، وقد عرضنا ذلك في التفسير، وههنا نعرض بدراً من خلال النصوص الحديثية.