للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قطع الله رحمك، فقال عمر رضي الله عنه: قادتهم ورؤساؤهم قاتلوُك وكذبوك فاضرب أعناقهم بعد، فقال أبو بكر رضي الله عنه: عشيرتُك وقومُك، ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لبعض حاجته فقالت طائفة: القولُ ما قال عمر، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: "ما تقولون في هؤلاء؟ إن مثل هؤلاء كمثل إخوة لهم كانوا من قبلهم قال نوح: {رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} (١) وقال موسى: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ} (٢) الآية قال إبراهيم: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٣) وقال عيسى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (٤) "وأنتم قوم فيكم غيلةً فلا ينقلبن واحدٌ منهم إلا بفداء أو بضرب عنقٍ" قال عبد الله: فقلت إلا سهيل بن بيضاء فإنه لا يُقتل وقد سمعته يتكلم بالإسلام. فسكت، فما كان يوم أخوف عندي أن يلقى علي حجارة من السماء من يومي ذلك حتى قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "إلا سهيل بن بيضاء".

قال الرازي: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} معنى الآية ظاهر وفيه سؤال وهو إنه كيف جاز لعيسى عليه السلام أن يقول وإن تغفر لهم والله لا يغفر الشرك، والجواب عنه من وجوه (الأول) أنه تعالى لما قال لعيسى عليه السلام: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} علم أن قوماً من النصارى حكوا هذا الكلام عنه والحاكي لهذا الكفر عنه لا يكون كافراً بل يكون مذنباً حيث كذب في هذه الحكاية وغفران الذنب جائز فلهذا المعنى طلب المغفرة من الله تعالى (والثاني) أنه يجوز على مذهبنا من الله تعالى أن يدخل الكفار الجنة وأن يدخل الزهاد والعباد النار؛ لأن الملك ملكه ولا اعتراض لأحد عليه فذكر عيسى هذا الكلام ومقصوده منه تفويض الأمور كلها إلى الله، وترك التعرض والاعتراض بالكلية ولذلك ختم الكلام بقوله فإنك أنت العزيز


(١) نوح: ٢٦.
(٢) يونس: ٨٨.
(٣) إبراهيم: ٣٦.
(٤) المائدة: ١١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>