منهم فقد روى الإمام أحمد وأبو داود بسند صحيح عن المقدام بن معد يكرب (رضي الله عنه) قال صلى الله عليه وسلم: "ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا إني أوتيتُ القرآن ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه وإن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله". وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويقول الله تبارك وتعالى {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}.
وأقول: الحمد لله الذي حفظ لنا القرآن الكريم وسنة نبيه صلى الله عيه وسلم، والشائع أن الآية الكريمة {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} هي للقرآن فقط، وإن كان هذا على أرجح الأقوال إلا أن حفظ السنة النبوية من لوازم حفظ الشريعة، وقد اختارها الله تعالى ديناً لعباده إلى قيام الساعة، وختم بها الشرائع، فكان من لوازم التدبير الإلهي أن تحفظ هذه الشريعة الغراء ولن يتحقق ذلك الحفظ إلا بحفظ أصيلها العظيمين الكتاب والسنة.
وقد انفرد هذه الأمة عن باقي الأمم بأنها حفظت نصوص دينها حفظاً دقيقاً كاملاً لا مثيل له لتبقى زاد الأمم ومصدر هدايتها إلى قيام الساعة.
إلا أن فهم هذه النصوص هي التي محل اجتهاد وتقديمها للناس بأسلوب يناسب العصور على تتابعها، والتركيز على ما يهم كل جيل من الأجيال وتلمس حاجاته ومراعاة مدى استيعابه وفهمه، وحل مشاكله. فهذا هو الذي نحن بحاجة إليه في عصرنا، فكان هذا الكتاب، الذي نأمل من الله تبارك وتعالى أن يسد ثغرة في وجه المشككين بالسنة.
وأكرر دعوة وجهتها للقارئ الكريم على صفحات المقدمة في الأساس في التفسير أن لا يألو جهداً في توجيه النصح لنا لكي نتدارك ذلك في الطبعات القادمة إن شاء الله سواء ذلك للمؤلف حفظه الله أو للناشر فنكون له من الشاكرين، ورحم الله عملاق هذه الأمة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما قال: رحم الله أمرأ أهدى إليَّ عيوبي.
وفي الختام اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك.