والمدينة - التي تبلغ مسافتها إلى خمسمائة كيلو متراً - في ثلاثة أيام، وسلم الرسالة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مسجد قباء.
قرأ الرسالة على النبي صلى الله عليه وسلم أبي بن كعب فأمره بالكتمان، وعاد مسرعاً إلى المدينة، وتبادل الرأي مع قادة المهاجرين والأنصار.
وظلت المدينة في حالة استنفار عام لا يفارق رجالها السلاح، استعداداً للطوارئ.
وقامت مفرزة من الأنصار - فيهم سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، وسعد بن عبادة - بحراسة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانوا يبيتون على بابه وعليهم السلاح، وقامت على مداخل المدينة وأنقابها مفرزات تحرسها خوفاً من أن يؤخذوا على غرة، وقامت دوريات من المسلمين - لاكتشاف تحركات العدو - تتجول حول الطرق التي يحتمل أن يسلكها المشركون للإغارة على المسلمين.
واصل جيش مكة سيره حتى اقترب من المدينة، فسلك وادي العقيق، ثم انحرف منه إلى ذات اليمين حتى نزل قريباً بجبل أحد في مكان يقال له عينين في بطن السبخة من قناة على شفير الوادي - الذي يقع شمالي المدينة - فعسكر هناك يوم الجمعة السادس من شهر شوال سنة ثلاث من الهجرة.
عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلساً استشارياً عسكرياً أعلى، تبادل فيه الرأي لاختيار الموقف، وأخبرهم عن رؤيا رآها، ثم قدم رأيه إلى صحابته أن لا يخرجوا من المدينة، وأن يتحصنوا بها، فإن أقام المشركون بمعسكرهم أقاموا بشر مقام وبغير جدوى، وإن دخلوا المدينة قاتلهم المسلمون على أفواه الأزقة، والنساء من فوق البيوت، وكان هذا هو الرأي ووافقه على هذا الرأي عبد الله بن أبي بن سلول - رأس المنافقين.
بادر جماعة من فضلاء الصحابة ممن فاته الخروج يوم بدر، فأشاروا على النبي صلى الله عليه وسلم بالخروج، وألحوا عليه في ذلك، وكان في مقدمة هؤلاء المتحمسين حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم - الذي كان قد أرى فرند سيفه في معركة بدر - فقد قال للنبي صلى الله عليه وسلم: والذي أنزل عليك الكتاب لا أطعم طعاماً حتى أجالدهم بسيفي خارج المدينة، ورفض