المشركين جبنوا عن اللقاء ورجعوا بعد أن خرجوا فكان في ذلك نصر أي نصر، وتعرف هذه الغزوة ببدر الموعد وبدر الثانية وبدر الآخرة وبدر الصغرى.
* ومن أحداث هذه السنة زواجه عليه الصلاة والسلام من زينب بنت خزيمة. وزواجه من أم سلمة بنت أبي أمية.
قال ابن كثير في تاريخه: قال ابن جرير: وفي جمادى الأولى من هذه السنة مات عبد الله بن عثمان بن عفان رضي الله عنه - يعني من رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ست سنين فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل في حفرته والده عثمان بن عفان رضي الله عنه.
وقال الواقدي: وفي هذه السنة - يعني سنة أربع - أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت أن يتعلم كتاب يهود. قلت: فثبت عنه في الصحيح أنه قال: تعلمته في خمسة عشر يوماً والله أعلم.
* كانت مأساة الرجيع، وفاجعة بئر معونة، وتحرك بني النضير، ومن قبل تحرك بني أسد وبني هذيل، كل ذلك من آثار ما حدث يوم أحد، ولقد بادر رسول الله صلى الله عليه وسلم مبادرات كثيرة ليضع الأمور في نصابها، فقضى على تحرك بني أسد قبل أن يبدأ، وقضى على تجمع هذيل فقضى على التحرك من أساسه، وأجلى بني النضير، وهاجم الذين تسببوا بحادثة بئر معونة، وخرج لبدر الآخرة بكامل تعبئته وبكل ما استطاع حشده فأعاد الهيبة الداخلية والخارجية إلى نصابها، ولكن المشركين لم يقولوا كلمتهم الأخيرة بعد وسيقولونها في السنة الخامسة كما سنرى.
والجديد في هذه السنة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاول أن ينشر الدعوة الإسلامية من خلال التبليغ دون قتال، فسبب ذلك كارثتي الرجيع وبئر معونة مما يدل على أن العرب ما كانوا ليعطوا حرية للدعوة الإسلامية إلا حيث يسيطر السلاح، ومع أن هاتين المبادرتين كلفتا كثيراً في هذه السنة، فلقد فتحتا للدعوة الإسلامية باباً عريضاً، وسجلتا سابقة تستفيد منها الدعوة الإسلامية على مدى العصور، كما سنرى ذلك أثناء استعراضنا لمجريات الأمور.