للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تكيدكم بأكثر مما تريدون أن تكيدوا به أنفسكم، تريدون أن تقاتلوا أبناءكم وإخوانكم" فلما سمعوا ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم تفرقوا، فبلغ ذلك كفار قريش، فكتبت كفار قريش بعد وقعة بدر إلى اليهود: إنكم أهل الحلقة والحصون وإنكم لتقاتلن صاحبنا أو لنفعلن كذا وكذا، ولا يحول بيننا وبين خدم نسائكم شيء، وهي الخلاخيل، فلما بلغ كتابهم النبي صلى الله عليه وسلم اجتمعت بنو النضير بالغدر، فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: اخرج إلينا في ثلاثين رجلاً من أصحابك، وليخرج منا ثلاثون حبراً، حتى نلتقي بمكان المنصف فيسمعوا منك، فإن صدقوك وآمنوا بك آمنا بك فقص خبرهم فلما كان الغد غدا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكتائب فحصرهم، فقال لهم: "إنكم والله لا تأمنون عندي إلا بعهد تعاهدوني عليه" فأبوا أن يعطوه عهداً، فقاتلهم يومهم ذلك، ثم غدا الغد على بني قريظة بالكتائب، وترك بني النضير، ودعاهم على أن يعاهدوه، فعاهدوه، فانصرف عنهم، وغدا على بني النضير بالكتائب فقاتلهم حتى نزلوا على الجلاء، فجلت بنو النضير واحتملوا ما أقلت الإبل من أمتعتهم وأبواب بيوتهم وخشبها، فكان نخل بني النضير لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة، أعطاه الله إياها وخصه بها، فقال: (وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب) (١) يقول: بغير قتال، فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم أكثرها للمهاجرين، وقسمها بينهم، وقسم منها لرجلين من الأنصار، وكانا ذوي حاجة، ولم يقسم لأحد من الأنصار غيرهما.


= يكيدكم: كاده يكيده: إذا مكر به وخدعه.
الحلقة: بسكون اللام: الدرع، وقيل: اسم جامع للسلاح.
حبر: الحبر: العالم الفاضل.
منصف: المنصف بالفتح: نصف الطريق، أراد: أنهم يجتمعون في موضع لا يميل إلى جهته ولا جهتهم، ليكون أعدل وأقرب إلى الأمن.
الجلاء: النفي عن الأوطان.
أقلت الإبل: الأحمال، أي: حملتها.
ما أفاء الله: الفيء: ما يحصل للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب ولا قتال.
أوجفتم: الإيجاف: الإسراف والحث في السير، وأراد به: الإسراع في القتال.
ركاب: الركاب جماعة الإبل فوق العشرة.
(١) الحشر: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>