للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤ - عرضت لنا أثناء أحداث هذه السنة وعرض لنا من قبل وسيعرض لنا من بعد أبيات من الشعر تقال بمناسبة ما، وهذا الموضوع لم نشأ أن نتوسع فيه لقلة ما يرد منه في الروايات الصحيحة، مع أنه من أخطر المواضيع على الإطلاق ولذلك نكتفي بالتنبيه إليه ليضعه العاملون على ذكر منهم: إن الجهاد باللسان هو شطر الجهاد، وإن كان شطره الأقل كلفة، ولكنه في بعض الأحيان يكون أكثر نجاعة ولذلك ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث: "ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن" (١)، "جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم" (٢).

وهذا الجهاد باللسان له صور متعددة فقد يكون خطبة وقد يكون قصيدة وقد يكون كتاباً أو رسالة أو مقالة ...

والشعر قديماً في حياة العرب هو الإعلام كله فهو الحرب النفسية، وهو الدعوة والدعاية، وهو التعبير عن الذات، وهو الدفاع عن الحق فمن غلب فيه غلب، وقد أعطى الرسول صلى الله عليه وسلم هذه المعاني كلها مداها، وبالنسبة للشعر فقد كان له أكثر من شاعر: حسان، وكعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة ... وكل أحداث السيرة كانت تغطى شعراً، وكل قصيدة للكافرين كانت تقابل بقصيدة أو قصائد، وكان لغلبة شعرائه في معاركهم الشعرية أثر قوي على أعدائه، لقد طرد كعب بن الأشرف بسبب هجاء من حسان لمن أنزله عنده، وكان عليه الصلاة والسلام يقول لحسان عن شعره: (لهو أشد عليهم من نضح النبل) (٣) ولقد كانت العرب في الماضي إذا نبغ فيهم الشاعر تعاهدوه، وكان هذا من شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى الحركة الإسلامية المعاصرة أن تفطن لهذا وما يحيط به فترعى شعراءها وتشجعهم، وترعى منشديها وكتابها وعلماءها ودعاتها وتشجعهم، وجماعة على أرض العرب


(١) مسلم مطولاً (١/ ٧٠) عن ابن مسعود ١ - كتاب الإيمان - ٢٠ - باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان.
(٢) أحمد في مسنده (٣/ ٢٤، ١٥٣، ٢٥١) عن أنس. وإسناده صحيح.
وأبو دواد (٣/ ١٠) عن أنس في كتاب الجهاد، باب كراهية ترك الغزو.
والنسائي (٦/ ٧) عن أنس في كتاب الجهاد، باب وجوب الجهاد.
والدارمي (٢/ ٢١٣) عن أنس في كتاب الجهاد، باب في جهاد المشركين. باللسان واليد.
(٣) النسائي (٥/ ٢١١) عن أنس في كتاب مناسك الحج، باب استقبال الحج، بلفظ: "لكلامه أشد عليهم من وقع النبل".

<<  <  ج: ص:  >  >>