للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العسكرية، وبموادعة عيينة بن حصن في هذه الغزوة اجتمع مع الحركة العسكرية العمل السياسي، ولكن ما حدث يوم أحد ويوم الرجيع ويوم بئر معونة من ناحية، وهذه التحركات من ناحية أخرى، والتفكير الذي أورثته الأوضاع الجديدة أوجد حركة مناوئة قوية، هذه الحركة استهدفت تجميع غير المسلمين على هدف واحد هو استئصال الإسلام والمسلمين، وكان الذي قاد هذا التحرك هم اليهود، وصادف ذلك استعداداً عند كل الأطراف، فقريش لم تخرج إلى موعدها في بدر السنة الرابعة، وغطفان وغيرها من قبائل العرب استهدفتها حملات الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من مرة، واليهود أصبحت لهم تارات، وهكذا وفجأة تتحد قوى الشرك والكفر ضد رسول الله صلى الله عليه وسلم وتسير نحوه في أعظم حشد صادفه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وههنا يبلغ الخط البياني للكافرين ذروته، وتبلغ المحنة بالنسبة للمسلمين ذروتها. ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصاً ألا يعطي لأعدائه فرصة للتجمع ضده، وها هم هؤلاء يجتمعون، فحاول تفريقهم من خلال إغراء بعضهم، ثم فرقهم خلال خدعة، وجاء الله بالفرج، وههنا نجد جديداً في السياسة العسكرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقد تجنب رسول الله صلى الله عليه وسلم القتال التصادمي لقلة جنده وكثرة العدو، وهذا الموقف يثير أمامنا مجموعة من المسائل، وبعد أن فشلت حملة الأحزاب توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قريظة التي نقضت عهدها في أحرج لحظة وكان من أمرها ما سنراه، وكذلك فإن هذه الحادثة تضعنا أمام مجموعة من المسائل.

* * *

وقد سجل القرآن غزوتي الأحزاب وقريظة، والقرآن كعهدنا به يسجل الخالدات التي تسع الزمان والمكان، فأن يسجل غزوتي الأحزاب وقريظة فذلك شأنه، فالمسلمون معرضون دائماً لأن يغزوا في عقر دارهم وفي عواصم بلدانهم، ومعرضون لأن يتكالب عليهم الأعداء جميعاً، والأعداء دائماً يعتبرون غير المسلمين على الأرض الإسلامية مظنة طمع وغدر، فأن يسجل القرآن حادثتي الأحزاب وقريظة فذلك كما قلنا في هاتين الحادثتين من سمة القابلية للتكرار على مدى العصور.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>