القبائل العربية واليهودية، وكان لابد من عقوبة صارمة تكون درساً للعابثين بالعهود والمحالفات ونكالاً لما بين يديها وما خلفها، يقول R. V. C, Bodley في كتابه "حياة محمد الرسول":
"كان محمد وحيداً في بلاد العرب وكانت هذه البلاد نم حيث المساحة ثلث الولايات المتحدة الأمريكية، وكان عدد النفوس فيها يبلغ خمسة ملايين نفس ... ولم يكن عنده من الجيوش التي تحمل الناس على امتثال أمره إلا الجيش الذي لا يزيد على ثلاثة آلاف جندي، ولم يكن هذا الجيش مسلحاً تسليحاً كاملاً، فإذا وهن محمد في هذه القضية أو ترك جريمة غدر بني قريظة من غير أن يعاقبهم عليها، لم يكن للإسلام في جزيرة العرب بقاء، غنه لا شك أن عملية قتل اليهود كانت عنيفة، ولكن لم يكن ذلك حادثاً فريداً من نوعه في تاريخ الديانات، وقد كان لهذا العمل مبرر من وجهة نظر المسلمين، وقد تحتم الآن على القبائل العربية واليهود أن يتأملوا مرة بعد مرة قبل أن يقدموا إلى غدر أو نقض عهد، لأنهم قد عرفوا عواقبه الوخيمة وشاهدوا أن محمداً يستطيع أن ينفذ ما يريده.
وقد كان من فوائد القضاء على آخر حصن من حصون اليهود في المدينة الضعف الذي طرأ على معسكر النفاق، ونشاط المنافقين، فقد اثر ذلك في معنويتهم، وأفقدهم الشيء الكثير من الثقة، والآمال الواسعة، فقد كانوا آخر معقل من معاقلهم الكبيرة، يقول الدكتور إسرائيل ولفنسون معلقاً على غزوة بني قريظة:
"وأما المنافقون فقد خفت صوتهم بعد يوم قريظة، ولم نعد نسمع لهم أعمالاً أو أقوالاً تناقض إرادة النبي وأصحابه، كما كان يفهم ذلك من قبل".
وقد وافق ذلك قانون الحرب في شريعة بني إسرائيل، فقد جاء في سفر التثنية (الإصحاح العشرون ١٠ - ١١ - ١٢ - ١٣):
"حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها إلى الصلح، فإن أجابتك إلى الصلح، وفتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير، ويستعبد لك، وإن لم تسالمك، بل عملت معك حرباً، فحاصرها، وإذا دفع الرب إلهك إلى يدك، فاضرب جميع