للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحاصل ما وقع في القصة أن بعض الصحابة حملوا النهي على حقيقته، ولم يبالوا بخروج الوقت ترجيحاً للنهي الثاني على النهي الأول وهو ترك تأخير الصلاة عن وقتها، واستدلوا بجواز التأخير لمن اشتغل بأمر الحرب بنظير ما وقع في تلك الأيام بالخندق فقد تقدم حديث جابر المصرح بأنهم صلوا العصر بعد ما غربت الشمس وذلك لشغلهم بأمر الحرب، فجوزوا أن يكون ذلك عاماً في كل شغل يتعلق بأمر الحرب ولاسيما والزمان زمان التشريع، والبعض الآخر حملوا النهي على غير الحقيقة وأنه كناية عن الحث والاستعجال والإسراع إلى بني قريظة، وقد استدل به الجمهور على عدم تأثيم من اجتهد لأنه صلى الله عليه وسلم لم يعنف أحداً من الطائفتين، فلو كان هناك من إثم لعنف من أثم، أهـ.

٤٧٤ - * روى أبو داود والترمذي عن عطية القرظي رضي الله عنه قال: عرضنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قريظة فكان من أنبت قتل، ومن لم ينبت خلي سبيله، فكنت ممن لم ينبت، فخلي سبيلي.

وللنسائي (١) قال: كنت يوم حكم سعد في بني قريظة غلاماً، فشكوا في، فلم يجدوني أنبت، فاستبقيت، فها أنا ذا بين أظهركم.

(أنبت) أراد بالإنبات: نبات شعر العانة، فجعله علامة على البلوغ، وليس ذلك حداً إلا في أهل الشرك عند الأكثرين، وقال أحمد بن حنبل رحمه الله: الإنبات حد يقام به الحد على من أنبت، ويحكى مثل ذلك عن مالك رحمه الله، فأما من جعله مخصوصاً بأهل الشرك فيشبه أن يكون أن أهل الشرك لا يوقف على بلوغهم من جهة السن، ولا يمكن الرجوع إلى قولهم لأنهم متهمون في ذلك لدفع القتل عنهم، وأداء الجزية، وغير ذلك من الأحكام، بخلاف المسلمين، فإنهم يمكن أن تعرف أوقات بلوغهم وولادتهم.


٤٧٤ - أبو داود (٤/ ١٤١)، كتاب الحدود، باب الغلام يصيب الحد.
والترمذي واللفظ له (٤/ ١٤٥)، ٢٢ - كتاب السير - ٢٩ - باب ما جاء في النزول على الحكم.
وقال: هذا حديث حسن صحيح، وهو كما قال.
(١) النسائي: (٦/ ١٥٥) كتاب الطلاق، باب متى يقع طلاق الصبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>