للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إسحاق أنهم بلغوا نحواً من سبعين نفساً، وفي رواية أبي المليح: بلغوا أربعين أو سبعين. وجزم عروة في المغازي بأنهم بلغوا سبعين، وزعم السهيلي أنهم بلغوا ثلثمائة رجل، وزاد عروة "فلحقوا بأبي بصير وكرهوا أن يقدموا المدينة في مدة الهدنة خشية أن يعادوا إلى المشركين" وسمى الواقدي منهم الوليد بن الوليد بن المغيرة. وفي رواية موسى بن عقبة عن الزهري "فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بصير يستقدمه وأصحابه إلى المدينة بطلب قريش، فقدم كتابه وأبو بصير يموت، فمات وكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده، فدفنه أبو جندل مكانه وجعل عند قبره مسجداً. قال: وقدم أبو جندل ومن معه إلى المدينة فلم يزل بها إلى أن خرج إلى الشام مجاهداً فاستشهد في خلافة عمر، قال: فعلم الذين كانوا أشاروا بأن لا يسلم أبا جندل إلى أبيه أن طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم خير مما كرهوا، وفي قصة أبي بصير من الفوائد جواز قتل المشرك المعتدي غيلة، ولا يعد ما وقع من أبي بصير غدراً لأنه لم يكن في جملة من دخل في المعاقدة التي بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قريش. لأنه إذ ذاك كان محبوساً بمكة، لكنه لما خشي أن المشرك يعيده على المشركين درأ عن نفسه بقتله، ودافع عن دينه بذلك، ولم ينكر النبي قوله ذلك. وفيه أن من فعل مثل فعل أبي بصير لم يكن عليه قود ولا دية، وقد وقع عند ابن إسحاق "أن سهيل بن عمرو لما بلغه قتل العامري طالب بديته لأنه من رهطه، فقال له أبو سفيان: ليس على محمد مطالبة بذلك لأنه وفى بما عليه وأسلمه لرسولكم، ولم يقتله بأمره. ولا على آل أبي بصير أيضاً شيء لأنه ليس على دينهم". وفيه أنه كان لا يرد على المشركين من جاء منهم إلا بطلب منهم، لأنهم لما طلبوا أبا بصير أول مرة أسلمه لهم، ولما حضر إليه ثانياً لم يرسله لهم، بل لو أرسلوا إليه وهو عنده لأرسله، فلما خشي أبو بصير من ذلك نجا بنفسه. وفيه أن شرط الرد أن يكون الذي حضر من دار الشرك باقياً في بلد الإمام. ولا يتناول من لم يكن تحت يد الإمام ولا متحيزاً إليه. واستنبط منه بعض المتأخرين أن بعض ملوك المسلمين مثلاً لو هادن بعض ملوك الشرك فغزاهم ملك آخر من المسلمين فقتلهم وغنم أموالهم جاز له ذلك، لأن عهد الذي هادنهم لم يتناول من لم يهادنهم، ولا يخفى أن محل ذلك ما إذا لم يكن هناك قرينة تعميم.

وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم أشياء تتعلق بالمناسك: منها أن تقليد الهدي

<<  <  ج: ص:  >  >>