والبنات، والآباء والأمهات، والأذواء والذوات، و (جامع الأصول في أحاديث الرسول) وهو هذا الكتاب. إلى غير ذلك من المؤلفات القيمة والمصنفات النافعة.
قال ياقوت الحموي في (معجم الأدباء): حدثني أخوه أبو الحسن قال: تولى أخي أبو السعادات الخزانة لسيف الدين الغازي بن مودود ب زنكي، ثم ولاه ديوان جزيرة ابن عمر وأعمالها، ثم عاد إلى الموصل، فناب في الديوان عند الوزير جلال الدين أبي الحسن علي بن جمال الدين محمد بن منصور الأصبهاني، ثم اتصل بمجاهد الدين بن قايماز - وكان نائب المملكة - بالموصل أيضاً، فنال عنده درجة رفيعة، فلما قُبض على مجاهد الدين سنة ٥٨٩ هـ اتصل بخدمة أتابك عز الدين مسعود بن مودود إلى أن توفي عز الدين وآل الأمر إلى ولده نور الدين شاه، فاتصل بخدمته حتى صار واحد دولته حقيقة، بحيث إن السلطان كان يقصده في منزله في مهام نفسه، لأنه أُقعد في آخر زمانه، فكانت الحركة تصعب عليه، فكان يجيئه بنفسه أو يرسل إليه بدر الدين لؤلؤاً.
وكان قد عرض عليه غير مرة أن يستوزره، وهو يأبى، فركب السلطان إليه، فامتنع أيضاً، حتى غضب عليه، فاعتذر إليه وقال له: أنا رجل كبير، وقد خدمت العلم عمري واشتهر ذلك عني في البلاد، وأعلم أني لو اجتهدت في إقامة لعدل بغابة جهدي ما قدرت أن أؤدي حقه، ولو ظُلِم أكِّار (حرِّاث) في ضيعة من أقصى أعمال السلطان لنسب ظلمه إليَّ، ورجعت أنت وغيرك باللائمة عليِّ، والملك لا يستقيم إلا بشيء من العسف والظلم، وأخذ الخَلْق بالشدة، وأنا لا أقدر عليه، ولا يليق بي، فعذره وأعفاه.
ولما أقعد في آخر عمره، جاء رجل مغربي فعالجه بدهن صنعه، فبانت ثمرته، وتمكن من مدِّ رجليه، فقال لأخيه عز الدين أبي الحسن علي بن الأثير: أعطه ما يرضيه، واصرفه، فقال أخوه: لماذا وقد ظهر النجح؟! قال: هو كما تقول، ولكني في راحة من صحبة هؤلاء القوم - يعني الأمراء والسلاطين، وقد سكنت نفسي إلى الانقطاع والدعة، وبالأمس كنت أذل نفسي بالسعي إليهم، وهنا في منزلي لا يأتون إليَّ إلا في مشورة مهمة، ولم يبق من العمر إلا القليل، فدعني أعش باقيه حراً سليماً من الذل، قال أخوه: فقبلت قوله وصرفت الرجل بإحسان.