* وبعد عودة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وفد عليه كعب بن زهير، وقد كانت عودة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة لست بقين من ذي القعدة وبعودته دخلت الدعوة الإسلامية في طور جديد، طور الدخول في دين الله أفواجاً، فبدأت الوفود تترى إلى المدينة المنورة داخلة في الإسلام، مقدمة الطاعة والولاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم. اهـ.
وإذ لم يكن السرد التاريخي هدفاً لنا في هذا الكتاب إلا بالقدر الذي يلقي أضواء على الفهم العام للسيرة النبوية، فسنكتفي بأن نعقد فصولاً للأحداث التي يعتبر التفصيل فيها هدفاً من أهداف هذا القسم.
كانت سياسة الرسول صلى الله عليه وسلم ألا يسكت على اعتداء، فهناك فارق كبير بين الاعتداء الشخصي وبين الاعتداء على الدولة، لقد تحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الاعتداء على شخصه ما تنوء به الجبال وكل ذلك في الله وبالله، وما من عاقل إلا ويعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تكن تصرفاته أثراً عن هوى، ولكنها الحكمة التي تضع الأمور مواضعها، والسكوت على الاعتداء على الدولة يفقدها هيبتها ويزيد طمع الطامعين بها ويؤلب عليها أعداءها، كما أن من سياسة رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا ينتظر الاعتداء حتى يقع؛ لأن درهم وقاية خير من قنطار علاج، بل هو عليه الصلاة والسلام كان يفجأ المعتدي قبل استكمال أدوات اعتدائه، ولقد كانت هذه المعاني وراء أهم أحداث السنة الثامنة.