صلى الله عليه وسلم في تجديد العهد وكذلك أخرجه مسدد من مرسل محمد بن عباد بن جعفر، فأنكره الواقدي وزعم أن أبا سفيان إنما توجه مبادراً قبل أن يبلغ المسلمين الخبر، والله أعلم. وفي مرسل عكرمة عند ابن أبي شيبة ونحوه في مغازي عروة عند ابن إسحاق وابن عائذ "فخافت قريش، فانطلق أبو سفيان إلى المدينة فقال لأبي بكر: جدد لنا الحلف، قال: ليس الأمر إلي. ثم أتى عمر فأغلظ له عمر. ثم أتى فاطمة فقالت له: ليس الأمر إلي. فأتي عليا فقال: ليس الأمر إلي. فقال: ما رأيت كاليوم رجلاً أضل - أي من أبي سفيان - أنت كبير الناس، فجدد الحلف. قال: فضرب إحدى يديه على الأخرى وقال: قد أجرت بين الناس. ورجع إلى مكة فقالوا له: ما جئتنا بحرب فنحذر، ولا بصلح فنأمن" لفظ عكرمة وفي رواية عروة "فقالوا له: لعب بك علي وإن إخفار جوارك لهين عليهم" فيحتمل أن يكون قوله "بلغ قريش" أي غلب على ظنهم ذلك لا أن مبلغاً بلغهم ذلك حقيقة.
وقوله (نيران عرفة) إشارة إلى ما جرت به عادتهم من إيقاد النيران الكثيرة ليلة عرفة، وعند ابن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه في تلك الليلة فأوقدوا عشرة آلاف نار.
قوله (فقال بديل بن ورقاء: هذه نيران بني عمرو) يعني خزاعة، وعمرو يعني ابن لحي (فقال أبوس فيان: عمرو أقل من ذلك) ومثل هذا في مرسل أبي سلمة، وفي مغازي عروة عند ابن عائذ عكس ذلك وأنهم لما رأوا الفساطيط وسمعوا صهيل الخيل فراعهم ذلك فقالوا: هؤلاء بنو كعب - يعني خزاعة، وكعب أكبر بطون خزاعة - جاشت بهم الحرب. فقال بديل: هؤلاء أكثر من بني كعب ما بلغ تأليبها هذا. قالوا: فانتجعت هوازن أرضنا، والله ما نعرف هذا، أنه هذا المثل صاح الناس. قوله (فرآهم ناس من حرس رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدركوهم فأخذوهم) في رواية ابن عائذ "وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بين يديه خيلاً تقبض العيون، وخزاعة على الطريق لا يتركون أحداً يمضي، فلما دخل أبو سفيان وأصحابه عسكر المسلمين أخذتهم الخيل تحت الليل" وفي مرسل أبي سلمة (وكان حرس رسول الله صلى الله عليه وسلم نفراً من الأنصار، وكان عمر بن الخطاب عليهم تلك الليلة فجاءوا بهم إليه فقالوا: جئناك بنفر أخذناهم من أهل مكة، فقال عمر: والله لو جئتموني بأبي سفيان ما زدتم، قالوا قد أتيناك بأبي سفيان) وعند ابن إسحاق (أن العباس خرج ليلاً فلقي أبا سفيان وبديلاً، فحمل أبا