بَلْ أُقْطِعُوا الْمَنْفَعَةَ، وَأُسْقِطَ الْخَرَاجُ
لِلْمَصْلَحَةِ
، وَلَمْ يَذْكُرْ جَمَاعَةٌ هَذَا الْقِسْمَ مِنْ أَرْضِ الْعُشْرِ، انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ السَّوَادِ وَقْفٌ، فَلَا يُمْكِنُ تَمْلِيكُهُ. لَكِنْ يَأْتِي أَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ مِنْ الْإِمَامِ وَوَقْفُهُ لَهُ، فَلِذَلِكَ أَبْقَى الْأَكْثَرُ كَلَامَ الْإِمَامِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَأَنَّهُ تَمْلِيكٌ
(وَأَخْذُ الْخَرَاجِ مِنْ) الْأَرْضِ (الْعُشْرِيَّةِ ظُلْمٌ) إجْمَاعًا، لِدُخُولِهِ فِي إقْطَاعِ الْإِمَامِ لِمَا رَأَى فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ، (وَلِأَهْلِ الذِّمَّةِ شِرَاءُ) أَرْضٍ عُشْرِيَّةٍ أَوْ خَرَاجِيَّةٍ مِنْ مُسْلِمٍ.
(وَ) لَهُمْ أَيْضًا (اسْتِئْجَارُ) أَرْضٍ (عُشْرِيَّةٍ وَخَرَاجِيَّةٍ) مِنْ مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّهُمَا مَالُ مُسْلِمٍ يَجِبُ فِيهِ حَقٌّ لِأَهْلِ الزَّكَاةِ، فَلَمْ يُمْنَعْ الذِّمِّيُّ مِنْ شِرَائِهِ كَالسَّائِمَةِ (وَيُكْرَهُ لِ) مُسْلِمٍ بَيْعُهَا أَوْ إجَارَتُهَا أَوْ إعَارَتُهَا لِذِمِّيٍّ (غَيْرِ تَغْلِبِيٍّ) لِإِفْضَائِهِ إلَى إسْقَاطِ عُشْرِ الْخَارِجِ مِنْهَا. وَأَمَّا التَّغْلِبِيُّ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ شِرَائِهَا؛ لِأَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ عُشْرَانِ يُصْرَفَانِ مَصْرِفَ الْجِزْيَةِ، وَإِذَا أَسْلَمَ سَقَطَ عَنْهُ أَحَدُهُمَا، وَصُرِفَ الْآخَرُ مَصْرِفَ الزَّكَاةِ. وَلَا تَصِيرُ الْأَرْضُ الْعُشْرِيَّةُ إذَا اشْتَرَاهَا ذِمِّيٌّ خَرَاجِيَّةً، كَمَا لَوْ اشْتَرَاهَا مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ تَغْلِبِيٌّ.
وَدَعْوَى كَوْنِ الْعُشْرِ مِنْ حُقُوقِ الْأَرْضِ مَمْنُوعٌ، بَلْ هُوَ مِنْ حُقُوقِ الزَّرْعِ، وَلِذَلِكَ لَا يَجِبُ عُشْرٌ إذَا لَمْ تُزْرَعْ.
وَمَعْنَى شِرَاءِ الْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ، قَبُولُهَا بِمَا عَلَيْهَا مِنْ الْخَرَاجِ، وَلَيْسَ بَيْعًا شَرْعِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ عَلَى الْمَذْهَبِ إلَّا إذَا بَاعَهَا الْإِمَامُ أَوْ غَيْرُهُ، وَحَكَمَ بِهِ مَنْ يَرَاهُ.
(وَلَا عُشْرَ عَلَيْهِمْ) ، أَيْ: أَهْلِ الذِّمَّةِ (فِيهَا) ، أَيْ: فِي الْأَرْضِ الْعُشْرِيَّةِ أَوْ الْخَرَاجِيَّةِ إذَا اشْتَرُوهُمَا أَوْ اسْتَأْجَرُوهُمَا وَنَحْوُهُ؛ لِأَنَّهُ زَكَاةٌ وَقُرْبَةٌ، وَلَيْسُوا مِنْ أَهْلِهَا (وَلَا خَرَاجَ) عَلَيْهِمْ فِي الْأَرْضِ غَيْرِ الْخَرَاجِيَّةِ (كَمُسْلِمٍ) أَوْ ذِمِّيٍّ (جَعَلَ دَارِهِ مَزْرَعَةً) أَوْ بُسْتَانًا، فَلَا خَرَاجَ عَلَيْهِ فِيمَا زَرَعَهُ أَوْ غَرَسَهُ فِيهَا (أَوْ أَحْيَا) الْمُسْلِمُ (مَوَاتًا) ثُمَّ زَرَعَهُ أَوْ غَرَسَهُ، فَلَا خَرَاجَ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute