[بَابُ حُكْمِ الْمُوصَى لَهُ]
(بَابُ حُكْمِ الْمُوصَى لَهُ) وَهُوَ الرُّكْنُ الثَّالِثُ مِنْ أَرْكَانِ الْوَصِيَّةِ (تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ) مِنْ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ (لِكُلِّ مَنْ يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ مِنْ مُسْلِمٍ) مُعَيَّنٍ كَزَيْدٍ أَوْ لَا كَالْفُقَرَاءِ (وَ) تَصِحُّ (لِكَافِرٍ مُعَيَّنٍ) ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا} [الأحزاب: ٦] قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ: هُوَ وَصِيَّةُ الْمُسْلِمِ لِلْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ، وَلِأَنَّ الْهِبَةَ تَصِحُّ لَهُمْ فَصَحَّتْ لَهُمْ الْوَصِيَّةُ (وَلَوْ) كَانَ الْكَافِرُ (مُرْتَدًّا أَوْ حَرْبِيًّا) وَلَوْ بِدَارِ حَرْبٍ كَالْهِبَةِ فَلَا تَصِحُّ لِعَامَّةِ النَّصَارَى أَوْ نَحْوِهِمْ.
قَالَ فِي " الْمُغْنِي " الْآيَةُ أَيْ: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} [الممتحنة: ٨] إلَى آخِرِهَا حُجَّةٌ لَنَا فِيمَنْ لَمْ يُقَاتِلْ، فَأَمَّا الْمُقَاتِلُ فَإِنَّمَا نُهِيَ عَنْ تَوَلِّيهِ لَا عَنْ بِرِّهِ، وَالْوَصِيَّةُ لَهُ.
إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (بِغَيْرِ مُصْحَفٍ وَسِلَاحٍ وَقِنٍّ مُسْلِمٍ) أَمَّا بِهَا فَلَا تَصِحُّ، لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ ذَلِكَ وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِكَافِرٍ بِحَدِّ قَذْفٍ يَسْتَوْفِيهِ لِلْمُسْلِمِ الْمَقْذُوفِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ اسْتِيفَاءَهُ لِنَفْسِهِ فَلِغَيْرِهِ أَوْلَى (وَتَبْطُلُ) وَصِيَّةٌ بِعَبْدٍ كَافِرٍ لِكَافِرٍ (بِإِسْلَامِهِ) أَيْ: الْعَبْدِ الْمُوصَى بِهِ سَوَاءٌ أَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِ مُوصٍ أَوْ بَعْدَهُ (قَبْلَ قَبُولِهِ) ؛ أَيْ: الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ، لِأَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ تَعَاطِي مِلْكِهِ
(وَ) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ مِنْ إنْسَانٍ (لِمُكَاتَبِهِ) لِأَنَّهُ يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ (وَلِمُكَاتَبِ وَارِثِهِ) كَمَا تَصِحُّ لِمُكَاتَبٍ أَجْنَبِيٍّ مِنْ مُوصٍ، لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ مَعَ سَيِّدِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ فِي الْمُعَامَلَاتِ فَكَذَا فِي الْوَصِيَّةِ، وَسَوَاءٌ وَصَّى لَهُ (بِجُزْءٍ شَائِعٍ) كَثُلُثِ مَالِهِ وَرُبْعِهِ (أَوْ) بِشَيْءٍ (مُعَيَّنٍ) كَعَبْدٍ وَثَوْبٍ، لِأَنَّ الْوَرَثَةَ لَا يَمْلِكُونَ مَالَ الْمُكَاتَبِ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ
(وَ) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (لِأُمِّ وَلَدِهِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute