لَمْ يُتْلِفْهَا بِفِعْلِهِ؛ أَشْبَهَ الْمُسْتَأْجِرَ، وَلِأَنَّهُ قَبَضَهَا بِإِذْنِ مَالِكِهَا لِنَفْعٍ يَعُودُ عَلَيْهِمَا؛ أَشْبَهَ الْمُضَارِبَ (إنْ لَمْ يُفَرِّطْ) ، فَإِنْ فَرَّطَ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ؛ أَشْبَهَ الْمُودِعَ، (أَوْ) ؛ أَيْ: وَلَا يَضْمَنُ (مَا ضَاعَ بِحِرْزِهِ) - أَيْ مِنْ حِرْزِهِ - بِنَحْوِ سَرِقَةٍ، (وَلَا أُجْرَةَ لَهُ) أَيْ: لِلْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ - (فِيمَا عَمَلَ فِيهِ) ، هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، (وَلَوْ) كَانَ عَمَلُهُ فِيهِ (بِبَيْتِ رَبِّهِ) ، خِلَافًا " لِلْحَاوِي " إذْ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَعْمَلَ فِي بَيْتِ رَبِّهِ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ عَمَلَهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ؛ إذْ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ إلَّا بِتَسْلِيمِ الْمَعْمُولِ، فَلَمْ يَسْتَحِقَّ عِوَضَهُ؛ كَمَكِيلٍ بِيعَ، وَتَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهِ.
(وَيَتَّجِهُ) أَنَّ الْأَجِيرَ لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ فِيمَا إذَا كَانَ الْعَمَلُ بِبَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ، (وَتَلِفَ) الْمَعْمُولُ (قَبْلَ فَرَاغِهِ) مِنْ الْعَمَلِ، وَأَمَّا إذَا تَلِفَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْعَمَلِ، وَهُوَ بَيْتُ الْمُسْتَأْجِرِ؛ فَقَدْ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ بِمُجَرَّدِ الْفَرَاغِ؛ لِأَنَّهُ أَتَمَّ مَا عَلَيْهِ، (خِلَافًا لَهُ) - أَيْ: " لِلْإِقْنَاعِ " - فَإِنَّهُ قَالَ: وَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِيمَا عَمَلَهُ، سَوَاءٌ عَمَلَهُ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ بَيْتِهِ، وَهُوَ اتِّجَاهٌ حَسَنٌ.
[تَنْبِيهٌ فِيمَنْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى عَمَلٍ فِي عَيْنٍ]
: قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": وَكُلُّ مَنْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى عَمَلٍ فِي عَيْنٍ، فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُوقِعَهُ وَهِيَ فِي يَدِ الْأَجِيرِ؛ كَالصَّبَّاغِ يَصْبُغُ فِي حَانُوتِهِ، وَالْخَيَّاطِ فِي دُكَّانِهِ؛ فَلَا يَبْرَأُ مِنْ الْعَمَلِ حَتَّى يُسَلِّمَهَا إلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَلَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ حَتَّى يُسَلِّمَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute