للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا تَعُودُ وَدِيعَةٌ) بَعْدَ التَّعَدِّي فِيهَا (بِغَيْرِ عَقْدٍ مُتَجَدِّدٍ) وَلِبُطْلَانِ الِاسْتِئْمَانِ بِالْعُدْوَانِ.

(وَلَا ضَمَانَ) عَلَى وَدِيعٍ (بِنِيَّةِ تَعَدٍّ) فِي الْوَدِيعَةِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَقْطُوعُ بِهِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ. قَالَهُ فِي " الْإِنْصَافِ " لِأَنَّهُ لَمْ يَخُنْ فِيهَا بِقَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ، فَلَمْ يَضْمَنْهَا كَاَلَّذِي لَمْ يَنْوِ، وَفَارَقَ الْمُلْتَقِطَ بِقَصْدِ التَّمْلِيكِ، فَإِنَّهُ عَمِلَ فِيهَا بِأَخْذِهَا نَاوِيًا لِلْخِيَانَةِ فِيهَا، فَوَجَبَ الضَّمَانُ بِفِعْلِهِ الْمَنْوِيِّ، لَا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، وَلَوْ الْتَقَطَهَا قَاصِدًا لِتَعْرِيفِهَا، ثُمَّ نَوَى بَعْدَ ذَلِكَ إمْسَاكَهَا لِنَفْسِهِ كَانَتْ كَمَسْأَلَتِنَا.

وَلَوْ أَخْرَجَهَا بِنِيَّةِ الِاسْتِعْمَالِ، وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهَا؛ ضَمِنَهَا؛ لِأَنَّهُ تَعَدَّى بِإِخْرَاجِهَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ اسْتَعْمَلَهَا. قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي ".

[تَتِمَّةٌ خَلَطَ الْوَدِيعَةَ غَيْرُ الْوَدِيعِ بِمَا لَا تَتَمَيَّزُ مِنْهُ]

[تَتِمَّةٌ: وَإِنْ خَلَطَ الْوَدِيعَةَ غَيْرُ الْوَدِيعِ] بِمَا لَا تَتَمَيَّزُ مِنْهُ، فَالضَّمَانُ عَلَى الْخَالِطِ دُونَ الْوَدِيعِ؛ لِوُجُودِ الْعُدْوَانِ مِنْ الْخَالِطِ، وَمَتَى جَدَّدَ الْوَدِيعُ اسْتِئْمَانًا؛ بَرِئَ، فَإِنْ تَلِفَتْ بَعْدُ؛ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِي الِاسْتِئْمَانِ الَّذِي تَلِفَتْ فِيهِ، وَالْأَوَّلُ قَدْ زَالَ، أَوْ أَبْرَأَهُ الْمَالِكُ مِنْ الضَّمَانِ بِتَعَدِّيهِ؛ بَرِئَ، فَلَا يَضْمَنُهَا إنْ تَلِفَتْ بَعْدُ؛ لِإِمْسَاكِهِ إيَّاهَا بِإِذْنِ رَبِّهَا، وَزَالَ حُكْمُ التَّعَدِّي بِالْبَرَاءَةِ.

وَنَقَلَ مُهَنَّا عَنْ رَجُلٍ اسْتَوْدَعَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَاسْتَوْدَعَهُ آخَرُ عَشَرَةً، وَأَمَرَهُ أَنْ يَخْلِطَهَا، فَخَلَطَهَا، فَضَاعَتْ الدَّرَاهِمُ؛ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَمَرَهُ أَحَدُهُمَا بِخَلْطِ دَرَاهِمِهِ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ الْآخَرُ؛ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ دَرَاهِمَ مَنْ لَمْ يَأْمُرْهُ دُونَ الْأُخْرَى، وَإِنْ خَلَطَهَا بِمُتَمَيِّزٍ كَدَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ، أَوْ دَرَاهِمَ بِيضٍ بِسُودٍ أَوْ بُرٍّ بِشَعِيرٍ أَوْ عَدَسٍ؛ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِإِمْكَانِ التَّمَيُّزِ؛ فَلَا يَعْجِزُ بِذَلِكَ عَنْ رَدِّهَا؛ فَلَمْ يَضْمَنْهَا كَمَا لَوْ تَرَكَهَا فِي صُنْدُوقٍ فِيهِ أَكْيَاسٌ لَهُ.

(وَصَحَّ) قَوْلُ مَالِكٍ لِوَدِيعٍ؛ (كُلَّمَا خُنْت ثُمَّ عُدْت لِلْأَمَانَةِ فَأَنْتَ أَمِينٌ) ؛ لِصِحَّةِ تَعْلِيقِ الْإِيدَاعِ عَلَى الشَّرْطِ كَالْوَكَالَةِ، (وَ) إنْ قَالَ رَبُّ مَالٍ لِوَدِيعٍ: (رُدَّهُ) - أَيْ: الْمَالَ - (غَدًا وَبَعْدَهُ) - أَيْ: بَعْدَ غَدٍ - (يَعُودُ) الْمَالُ (وَدِيعَةً)

<<  <  ج: ص:  >  >>