أَعْلَمْتُهُ مَا جَعَلَهُ (أَعْلَمَ الشَّفَةِ) أَيْ: مَشْقُوقَهَا (وَ) يَعْنِي (بِالْحَاجَةِ) فِي قَوْلِهِ مَا سَأَلْتُهُ حَاجَةً (شَجَرَةً صَغِيرَةً) (وَ) يَعْنِي (بِالدَّجَاجَةِ) بِقَوْلِهِ مَا أَكَلْت لَهُ دَجَاجَةً بِتَثْلِيثِ الدَّالِ (الْكُبَّةُ مِنْ الْغَزْلِ) وَبِالْفُرُوجَةِ الدُّرَّاعَةَ (وَ) يَعْنِي (بِالْفُرُشِ) فِي قَوْلِهِ وَلَا بِبَيْتِهِ فُرُشٌ (صِغَارَ الْإِبِلِ؛ وَيَعْنِي بِالْحَصِيرِ) بِقَوْلِهِ مَا فِي بَيْتِهِ حَصِيرٌ الْحَبْسَ، (وَ) يَعْنِي (بِالْبَارِيَةِ) فِي قَوْلِهِ مَا فِي بَيْتِهِ بَارِيَةٌ (السِّكِّينَ الَّتِي يَبْرِي بِهَا) الْأَقْلَامَ (وَلَا أَكَلْت مِنْ هَذَا شَيْئًا وَلَا أَخَذْت مِنْهُ، وَيَعْنِي) بِالْمُشَارِ إلَيْهِ (الْبَاقِي بَعْدَ أَكْلِهِ وَأَخْذِهِ) فَلَا حِنْثَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ظَالِمًا، لِأَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُ مَا نَوَاهُ.
[تَنْبِيهٌ لَا يَخْلُو الْحَالِفُ الْمُتَأَوِّلُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ]
ٍ: أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ مَظْلُومًا مِثْلُ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ ظَالِمٌ عَلَى شَيْءٍ لَوْ صَدَقَهُ لَظَلَمَهُ أَوْ ظَلَمَ غَيْرَهُ، أَوْ نَالَ مُسْلِمًا مِنْهُ ضَرَرٌ؛ فَهَذَا لَهُ تَأْوِيلُهُ قَالَ مُهَنَّا: سَأَلْت أَحْمَدَ عَنْ رَجُلٍ لَهُ امْرَأَتَانِ اسْمُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَاطِمَةُ، فَمَاتَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا، فَحَلَفَ بِطَلَاقِ فَاطِمَةَ، وَنَوَى الَّتِي مَاتَتْ. قَالَ إنْ كَانَ الْمُسْتَحْلِفُ لَهُ ظَالِمًا؛ فَالنِّيَّةُ نِيَّةُ صَاحِبِ الطَّلَاقِ، وَإِنْ كَانَ الْمُطَلِّقُ هُوَ الظَّالِمُ، فَالنِّيَّةُ نِيَّةُ الَّذِي اسْتَحْلَفَهُ؛ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ فِي الْمَعَارِيضِ لَمَنْدُوحَةً عَنْ الْكَذِبِ» يَعْنِي سَعَةَ الْمَعَارِيضِ الَّتِي تُوهِمُ بِهَا السَّامِعَ غَيْرَ مَا عَنَاهُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: الْكَلَامُ أَوْسَعُ مِنْ أَنْ يَكْذِبَ ظَرِيفٌ، يَعْنِي لَا يَحْتَاجُ أَنْ يَكْذِبَ، لِكَثْرَةِ الْمَعَارِيضِ، وَخَصَّ الظَّرِيفَ بِذَلِكَ يَعْنِي بِهِ الْكَيِّسَ الْفَطِنَةَ، فَإِنَّهُ يَفْطِنُ التَّأْوِيلَ، فَلَا وَجْهَ إلَى الْكَذِبِ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْحَالِفُ ظَالِمًا كَاَلَّذِي يَسْتَحْلِفُهُ الْحَاكِمُ عَلَى حَقٍّ عِنْدَهُ، فَهَذَا تَنْصَرِفُ يَمِينُهُ إلَى ظَاهِرِ الَّذِي عَنَاهُ الْمُسْتَحْلِفُ، وَلَا يَنْفَعُ الْحَالِفَ تَأْوِيلُهُ لِمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلِأَنَّهُ لَوْ سَاغَ التَّأْوِيلُ لَبَطَلَ الْمَعْنَى الَّذِي عَنَى بِهِ الْيَمِينَ، إذْ مَقْصُودُهَا تَخْوِيفُ الْحَالِفِ لِيَرْتَدِعَ عَنْ الْجُحُودِ خَوْفًا مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute