للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تَتِمَّةٌ أَحْدَثَ بِرْكَةً لِلْمَاءِ فَنَزَلَ إلَى جِدَارِ جَارِهِ فَأَوْهَاهُ وَهَدَمَهُ]

تَتِمَّةٌ: وَإِنْ أَحْدَثَ بِرْكَةً لِلْمَاءِ أَوْ كَنِيفًا أَوْ مُسْتَحَمًّا، فَنَزَلَ إلَى جِدَارِ جَارِهِ، فَأَوْهَاهُ وَهَدَمَهُ؛ ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَسْبَابَ تَتَعَدَّى؛ ذَكَرَهُ فِي " الْفُصُولِ " وَ " التَّلْخِيصِ " قَالَا: وَلِلْجَارِ مَنْعُهُ النُّزُولَ إلَى جِدَارِ جَارِهِ وَقَالَا أَيْضًا: الدَّقُّ الَّذِي يَهْدِمُ الْجِدَارَ مَضْمُونُ السِّرَايَةِ؛ لِأَنَّهُ عُدْوَانٌ مَحْضٌ.

[فَصْلٌ فِي جِنَايَةِ الْبَهَائِمِ]

(وَيَضْمَنُ رَبُّ بَهَائِمَ ضَارِيَةٍ) - أَيْ مُعْتَادَةً بِالْجِنَايَةِ - (عَالِمٌ بِضَرَيَانِهَا أَوْ أَمَرَ بِإِمْسَاكِهَا مَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا) ؛ أَيْ: بِأَنَّهَا ضَارِيَةٌ مَا أَتْلَفَتْهُ، (وَ) كَذَلِكَ يَضْمَنُ (رَبُّ جَوَارِحَ وَشَبَهِهَا) - أَيْ: الْجَوَارِحِ - (مَا أَتْلَفَتْهُ مِنْ نَفْسٍ وَمَالٍ) .

قَالَ فِي " الْفُصُولِ ": مَنْ أَطْلَقَ كَلْبًا عَقُورًا أَوْ دَابَّةً رَفُوسًا أَوْ عَضُوضًا عَلَى النَّاسِ وَخَلَّاهُ فِي طُرُقِهِمْ وَمَصَاطِبِهِمْ وَرِحَابِهِمْ، فَأَتْلَفَ مَالًا أَوْ نَفْسًا؛ ضَمِنَ؛ لِتَفْرِيطِهِ، وَكَذَا إنْ كَانَ لَهُ طَائِرٌ جَارِحٌ؛ كَالصَّقْرِ وَالْبَازِي، فَأَفْسَدَ طُيُورَ النَّاسِ وَحَيَوَانَاتِهِمْ انْتَهَى. قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": وَهُوَ الصَّوَابُ.

(وَإِذَا عُرِفَتْ الْبَهِيمَةُ بِالصَّوْلِ؛ وَجَبَ عَلَى مَالِكِهَا وَغَيْرِهِ إتْلَافُهَا) دَفْعًا لِضَرَرِهَا قَالَهُ فِي " الِانْتِصَارِ ".

وَحَيْثُ جَازَ إتْلَافُهَا فَلَهُ أَنْ يُتْلِفَهَا بِالْمَعْرُوفِ - أَيْ: عَلَى وَجْهٍ لَا تَعْذِيبَ فِيهِ - لِحَدِيثِ: «إذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ» .

وَلَا يَضْمَنُ الْبَهِيمَةَ الْمَعْرُوفَةَ بِالصَّوْلِ إذَا قُتِلَتْ حَالَ صَوْلِهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُحْتَرَمَةٍ؛ كَمُرْتَدٍّ وَزَانٍ مُحْصَنٍ

(وَلَوْ حَالَتْ) الدَّابَّةُ (بَيْنَهُ) - أَيْ: بَيْنَ إنْسَانٍ - (وَبَيْنَ مَالِهِ، وَلَمْ تَنْدَفِعْ بِلَا قَتْلٍ؛ قَتَلَهَا) ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَوْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَهَا دَفْعًا لِشَرِّهَا.

(وَيَتَّجِهُ) حَيْثُ جَازَ لَهُ قَتْلُهَا إزَالَةً لِضَرَرِهَا بِالْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ؛ فَعَلَيْهِ أَنْ يُسَمِّيَ عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ مَأْكُولَةَ اللَّحْمِ لِئَلَّا يُضَيِّعَهَا عَلَى رَبِّهَا.

(فَلَوْ) قَتَلَهَا، وَ (لَمْ يُسَمِّ) عَلَيْهَا سَهْوًا لَا جَهْلًا؛ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِسُقُوطِ التَّسْمِيَةِ بِذَلِكَ، وَإِنْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ (عَمْدًا؛ ضَمِنَ) لِرَبِّهَا (قِيمَتَهَا مُذَكَّاةً) ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهَا عَلَيْهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>