للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ قَالَ عَامِّيٌّ غَيْرُ نَحْوِيٍّ لِزَوْجَتِهِ أَنْ قُمْتِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ النُّونِ فَأَنْتِ طَالِقٌ]

فَصْلٌ (وَإِنْ قَالَ عَامِّيٌّ) أَيْ: غَيْرُ نَحْوِيٍّ لِزَوْجَتِهِ (أَنْ قُمْت بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ) وَسُكُونِ النُّونِ، فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَ) هُوَ (شَرْطٌ) أَيْ: تَعْلِيقٌ فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تَقُومَ (كَنِيَّتِهِ) أَيْ: الشَّرْطِ (مِنْ) نَحْوِيٍّ (عَارِفٍ أَنَّ مَعْنَاهُ التَّعْلِيلُ) لِأَنَّ الْعَامِّيَّ لَا يُرِيدُ إلَّا الشَّرْطَ وَلَا يَعْرِفُ أَنَّ مَعْنَاهَا التَّعْلِيلُ وَلَا يُرِيدُهُ؛ فَلَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ مَا لَا يَعْرِفُهُ وَلَا يُرِيدُهُ كَمَا لَوْ نَطَقَ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ أَعْجَمِيٌّ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ (فَإِنْ لَمْ يَنْوِ) عَارِفٌ بِمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ (الشَّرْطَ) طَلُقَتْ فِي الْحَالِ إنْ كَانَ الْقِيَامُ وُجِدَ؛ لِأَنَّ الْمَفْتُوحَةَ فِي اللُّغَةِ إنَّمَا هِيَ لِلتَّعْلِيلِ فَمَعْنَاهُ أَنْتِ طَالِقٌ لِأَنَّك قُمْت أَوْ لِقِيَامِك، قَالَ تَعَالَى {يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ} [الممتحنة: ١] وَقَالَ {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا} [الحجرات: ١٧] وَقَالَ {وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا} [مريم: ٩٠] {أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا} [مريم: ٩١] (أَوْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ إذْ قُمْت:) طَلُقَتْ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ إذْ لِلتَّعْلِيلِ أَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ (وَإِنْ قُمْتِ أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (وَلَوْ قُمْتِ؛ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ، لَكِنْ) تَطْلُقُ (إنْ كَانَتْ وُجِدَتْ الْعِلَّةُ) لِأَنَّهُ إنَّمَا طَلَّقَهَا لِعِلَّةٍ فَلَا يَثْبُتُ الطَّلَاقُ بِدُونِهَا.

هَذَا قَوْلُ ابْنِ أَبِي مُوسَى وَمَنْ تَابَعَهُ جَزَمَ بِهِ فِي " الْإِقْنَاعِ " وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَظَاهِرُ الْمُنْتَهَى أَنَّهُ يَقَعُ وُجِدَتْ الْعِلَّةُ أَوْ لَمْ تُوجَدْ، فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ الْإِشَارَةُ إلَى خِلَافِهِ (وَلِذَلِكَ أَفْتَى ابْنُ عَقِيلٍ فِي فُنُونِهِ " فِيمَنْ قِيلَ لَهُ: زَنَتْ امْرَأَتُكَ فَقَالَ: هِيَ طَالِقٌ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا لَمْ تَزْنِ؛ لَمْ تَطْلُقْ، وَجُعِلَ السَّبَبُ) الَّذِي لِأَجْلِهِ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ (كَالشَّرْطِ اللَّفْظِيِّ وَأَوْلَى) وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ التَّعْلِيلِ بِلَفْظِهِ، وَلَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ أَنْ يُطَلِّقَهَا لِعِلَّةٍ مَذْكُورَةٍ فِي اللَّفْظِ أَوْ غَيْرِ مَذْكُورَةٍ فَإِذَا تَبَيَّنَ انْتِفَاؤُهَا لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ قَالَ فِي " إعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ " وَهَذَا الَّذِي لَا يَلِيقُ بِالْمَذْهَبِ غَيْرُهُ، وَلَا تَقْتَضِي قَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ غَيْرَهُ، فَإِذَا قِيلَ لَهُ امْرَأَتُكَ قَدْ شَرِبَتْ مَعَ فُلَانٍ وَبَاتَتْ عِنْدَهُ، فَقَالَ اشْهَدُوا عَلَيَّ أَنَّهَا طَالِقٌ ثَلَاثًا، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>