[فَصْلٌ مَا يُسْتَفْتَحُ بِهِ نَدْبًا لَلصَّلَاةَ]
(فَصْلٌ) (ثُمَّ يَسْتَفْتِحُ نَدْبًا فَيَقُولُ) مَا رَوَتْ عَائِشَةُ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إذَا اسْتَفْتَحَ الصَّلَاةَ قَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ، وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إلَهَ غَيْرُكَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ مِثْلُهُ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيِّ، وَرَوَاهُ أَنَسٌ أَيْضًا، وَعَمِلَ بِهِ عُمَرُ بَيْنَ يَدَيْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فَلِذَلِكَ اخْتَارَهُ إمَامُنَا، وَجَوَّزَ الِاسْتِفْتَاحَ بِغَيْرِهِ مِمَّا وَرَدَ، وَقَوْلُ: سُبْحَانَكَ، أَيْ: تَنْزِيهًا لَكَ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِكَ مِنْ النَّقَائِصِ وَالرَّذَائِلِ وَبِحَمْدِكَ، أَيْ: وَبِحَمْدِكَ سَبَّحْتُكَ.
وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، أَيْ: كَثُرَتْ بَرَكَاتُهُ، وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِهِ تَعَالَى؛ وَلِذَلِكَ لَمْ يَتَصَرَّفْ مِنْهُ مُسْتَقْبَلٌ، وَلَا اسْمُ فَاعِلٍ، وَتَعَالَى جَدُّكَ: ارْتَفَعَ قَدْرُكَ وَعَظُمَ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: الْجَدُّ: الْغِنَى، فَالْمَعْنَى ارْتَفَعَ غِنَاك عَنْ أَنْ يُسَاوِيَ غِنَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ، وَلَا إلَهَ غَيْرُكَ، أَيْ: لَا إلَهَ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ، وَيُرْجَى رَحْمَتُهُ، وَتُخَافُ سَطْوَته غَيْرُكَ. (وَيَتَّجِهُ) : أَنَّهَا تَنْبَغِي الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِدُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ فِي أَوَّلِ كُلِّ صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ أَوْ مَنْذُورَةٍ. (وَفِي اسْتِفْتَاحِ أَوَّلِ رَاتِبَةٍ) : كَسُنَّةِ فَجْرٍ، وَظُهْرٍ، وَمَغْرِبٍ، وَعِشَاءٍ، (وَ) فِي أَوَّلِ رَكْعَتَيْ (نَفْلٍ) : كَتَرَاوِيحَ، وَضُحَى، وَوِتْرٍ أَرَادَ فِعْلَهَا كُلَّهَا؛ فَيَسْتَفْتِحُ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ مِنْهَا، وَ (لَا) يَسْتَفْتِحُ فِي (كُلِّهِ) أَيْ: النَّفْلِ، طَلَبًا لِلْيُسْرِ، وَالسُّهُولَةِ، وَعَدَمِ السَّآمَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَا وَرَدَ عَنْهُ، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَعَلَهُ فِي عِبَادَةٍ لَا يَقْتَصِرُ فِيهِ عَلَى نَوْعٍ مِنْهَا، بَلْ يُؤْتَى بِهِ فِي سَائِرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute