(وَيَتَّجِهُ) لَوْ فَعَلَ سَيِّدٌ بِرَقِيقِهِ مَا يَقْتَضِي عِتْقَهُ بِغَيْرِ أَدَاءً كَتَمْثِيلِهِ بِهِ وَنَحْوِهِ؛ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ؛ وَيَأْخُذُ السَّيِّدُ مَا وَجَدَهُ بِيَدِ الرَّقِيقِ مِنْ الْمَالِ (وَلَوْ) كَانَ فِعْلَهُ ذَلِكَ (حِيلَةً) عَلَى أَخْذِ مَا بِيَدِهِ، كَمَا لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ فِي نُجُومٍ مَعْلُومَةٍ، أَدَّاهُ بَعْضَهَا، وَبَقِيَ مَعَهُ مَالٌ أَضْعَافُ مَا فِي ذِمَّتِهِ مِنْ النُّجُومِ، فَمَثَّلَ بِهِ وَنَحْوُهُ سَيِّدُهُ؛ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَلَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ لِمُبَاشَرَتِهِ سَبَبَ الْعِتْقِ، لَكِنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ فِعْلُهُ ذَلِكَ بِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ مَا عَلَيْهِ؛ فَبَاقِي مَا بِيَدِهِ لَهُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ مَالَ مَنْ عَتَقَ بِغَيْرِ أَدَاءً لِسَيِّدِهِ مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي أَيُّوبَ وَأَنَسٍ لِحَدِيثِ الْأَثْرَمِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: «أَنَّهُ قَالَ لِغُلَامِهِ عُمَيْرٍ: يَا عُمَيْرُ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُعْتِقَك عِتْقًا هَيِّنًا؛ فَأَخْبِرْنِي بِمَالِكَ؛ فَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ غُلَامَهُ، فَلَمْ يُخْبِرْهُ بِمَالِهِ؛ فَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ» .
وَلِأَنَّ الْعَبْدَ وَمَالَهُ كَانَا لِلسَّيِّدِ، فَأَزَالَ مِلْكَهُ عَنْ أَحَدِهِمَا، فَبَقِيَ مِلْكُهُ فِي الْآخَرِ، كَمَا لَوْ بَاعَهُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ بَاعَ عَبْدًا، وَلَهُ مَالٌ؛ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ» .
فَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ يَرْفَعُهُ: «مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ؛ فَالْمَالُ لِلْعَبْدِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، فَقَالَ أَحْمَدُ يَرْوِيه عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ مِنْ أَهْل مِصْرَ، وَهُوَ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ، كَانَ صَاحِبَ فِقْهٍ، فَأَمَّا فِي الْحَدِيثِ فَلَيْسَ فِيهِ بِالْقَوِيِّ.
[فَصْلٌ إعْتَاق جُزْء مُشَاع مِنْ قِنٍّ]
(فَصْلٌ) (وَمَنْ أَعْتَقَ مِنْ قِنٍّ) يَمْلِكُهُ (جُزْءًا مُشَاعًا، كَنِصْفٍ، وَنَحْوِهِ) كَعُشْرٍ، أَوْ جُزْءٍ مِنْ أَلْفِ جُزْءٍ (أَوْ) أَعْتَقَ جُزْءًا (مُعَيَّنًا كَأَنْفٍ وَيَدٍ) وَرِجْلٍ وَأُصْبُعٍ وَنَحْوِهَا (لَا نَحْوِ شَعْرٍ وَظُفْرٍ وَسِنٍّ) كَدَمْعٍ وَعَرَقٍ وَلَبَنٍ وَمَنِيٍّ وَبَيَاضٍ وَسَوَادٍ وَسَمْعٍ وَبَصَرٍ وَشَمٍّ وَلَمْسٍ وَذَوْقٍ (عَتَقَ كُلُّهُ) بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute