[بَابُ مِيرَاثِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]
(بَابُ مِيرَاثِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) (لَا يَرِثُ رَقِيقٌ وَلَوْ) كَانَ (مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ، وَلَا يُورَثُ) ؛ لِأَنَّ فِيهِمْ نَقْصًا مَنَعَ كَوْنَهُمْ وَارِثِينَ، فَمَنَعَ كَوْنَهُمْ مَوْرُوثِينَ كَالْمُرْتَدِّ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمَمْلُوكَ لَا يُورَثُ؛ لِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ فَيُورَثُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ، وَمَنْ قَالَ إنَّهُ يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ، فَمِلْكُهُ نَاقِصٌ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ يَزُولُ إلَى سَيِّدِهِ بِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْ رَقَبَتِهِ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ، فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ» ؛ وَلِأَنَّ السَّيِّدَ أَحَقُّ بِمَنَافِعِهِ وَأَكْسَابِهِ فِي حَيَاتِهِ؛ فَكَذَلِكَ بَعْدَ مَمَاتِهِ، وَالْمُكَاتَبُ كَالْقِنِّ؛ لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَأَمَّا الْأَسِيرُ الَّذِي عِنْدَ الْكُفَّارِ فَإِنَّهُ يَرِثُ إذَا عُلِمَتْ حَيَاتُهُ فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ إلَّا سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ؛ فَإِنَّهُ قَالَ: لَا يَرِثُ؛؛ لِأَنَّهُ عَبْدٌ، وَلَا يَصِحُّ مَا قَالَهُ؛؛ لِأَنَّ الْكُفَّارَ لَا يَمْلِكُونَ الْأَحْرَارَ بِالْقَهْرِ.
(وَيَرِثُ مُبَعَّضٌ وَيُورَثُ وَيَحْجُبُ) وَيَعْصِبُ (بِقَدْرِ جُزْئِهِ الْحُرِّ) وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ؛ لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بِسَنَدِهِ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي الْعَبْدِ: «يَعْتِقُ بَعْضُهُ يَرِثُ وَيُورَثُ عَلَى قَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ» .
وَلِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَثْبُتَ لِكُلِّ بَعْضٍ حُكْمُهُ، كَمَا لَوْ كَانَ الْآخَرُ مَعَهُ (وَكَسْبُهُ) بِجُزْئِهِ الْحُرِّ لِوَرَثَتِهِ (وَإِرْثُهُ بِهِ) ؛ أَيْ: بِجُزْئِهِ الْحُرِّ (لِوَرَثَتِهِ) دُونَ مَالِكِ بَاقِيهِ (فَابْنٌ نِصْفُهُ حُرٌّ وَ) مَعَهُ (أُمٌّ وَعَمٌّ حُرَّانِ) لَوْ كَانَ الِابْنُ كَامِلَ الْحُرِّيَّةِ كَانَ لِلْأُمِّ السُّدُسُ، وَلَهُ الْبَاقِي، وَهُوَ نِصْفٌ وَثُلُثٌ، وَلَا شَيْءَ لِلْعَمِّ (فَلَهُ) ؛ أَيْ: الِابْنِ مَعَ نِصْفِ حُرِّيَّتِهِ (نِصْفُ مَالِهِ لَوْ كَانَ حُرًّا) كُلُّهُ (وَهُوَ رُبْعٌ وَسُدُسٌ) بِنِصْفِهِ الْحُرِّ (وَلِلْأُمِّ رُبْعٌ) ؛ لِأَنَّ الِابْنَ الْحُرَّ يَحْجُبُهَا عَنْ سُدُسٍ، وَذَلِكَ رُبْعٌ (وَالْبَاقِي)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute