[تَنْبِيهٌ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ وَأَرَادَ غَيْرُهُ أَنْ يَبْنِيَ فَوْقَهُ بَيْتًا وَقْفًا لَهُ]
تَنْبِيهٌ: سُئِلَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِيمَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ، وَأَرَادَ غَيْرُهُ أَنْ يَبْنِيَ فَوْقَهُ بَيْتًا وَقْفًا لَهُ، إمَّا لِيَنْتَفِعَ بِأُجْرَتِهِ فِي الْمَسْجِدِ، أَوْ لِيُسْكِنَهُ لِإِمَامِهِ، وَيَرَوْنَ ذَلِكَ مَصْلَحَةً لِلْإِمَامِ أَوْ لِلْمَسْجِدِ، فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ مَصْلَحَةً لِلْمَسْجِدِ بِحَيْثُ يَكُونُ ذَلِكَ أَعْوَنَ عَلَى مَا شَرَعَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِيهِ مِنْ الْإِمَامَةِ وَالْجَمَاعَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا شُرِعَ فِي الْمَسَاجِدِ؛ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي فِعْلُهُ كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ وَنَحْوِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ، حَتَّى سُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ مَسْجِدٍ لَاصِقٍ بِالْأَرْضِ فَأَرَادُوا أَنْ يَرْفَعُوهُ، وَيَبْنُوا تَحْتَهُ سِقَايَةً، وَهُنَاكَ شُيُوخٌ فَقَالُوا: نَحْنُ لَا نَسْتَطِيعُ الصُّعُودَ إلَيْهِ، فَقَالَ أَحْمَدُ: يُنْظَرُ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَكْثَرُهُمْ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ أَنَّ تَغْيِيرَ صُورَةِ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْوَقْفِ لِمَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ؛ جَائِزٌ؛ إذْ لَيْسَ فِي الْمَسَاجِدِ مَا هُوَ مُعَيَّنٌ بِذَاتِهِ إلَّا الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ، وَإِلَّا الْمَسَاجِدَ الثَّلَاثَةَ الَّتِي تُشَدُّ إلَيْهَا الرِّحَالُ؛ إذْ هِيَ مِنْ بِنَاءِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، فَكَانَتْ كَالْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْمَسَاجِدِ الَّتِي بَنَاهَا غَيْرُهُ؛ فَإِنَّ الْأَمْرَ فِيهَا يَتْبَعُ الْمَصْلَحَةَ، وَلَكِنَّ الْمَصْلَحَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ.
(وَمَرَّ) فِي آخِرِ بَابِ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ (قُبَيْلَ) بَابِ (اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ حُكْمُ تَغْيِيرِ) حِجَارَةِ (الْكَعْبَةِ) أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ إنْ احْتَاجَتْ لِمَرَمَّةٍ (وَنَحْوُهُ) كَجَوَازِ الْبِنَاءِ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَلْيُرَاجَعْ، وَمَرَّ فِي الْفَصْلِ الْأَخِيرِ مِنْ كِتَابِ (الِاعْتِكَافِ حُكْمُ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ) وَمَا يَجُوزُ وَمَا يَمْتَنِعُ فِيهَا مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ.
[خَاتِمَةٌ فِي الْأَرْزَاقُ الَّتِي يُقَدِّرُهَا الْوَاقِفُونَ ثُمَّ يَتَغَيَّرُ النَّقْدُ فِيمَا بَعْدُ]
خَاتِمَةٌ: قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَالْأَرْزَاقُ الَّتِي يُقَدِّرُهَا الْوَاقِفُونَ، ثُمَّ يَتَغَيَّرُ النَّقْدُ فِيمَا بَعْدُ، نَحْوُ أَنْ يُشْرَطَ مِائَةُ دِرْهَمٍ نَاصِرِيَّةٍ، ثُمَّ يَحْرُمُ التَّعَامُلُ بِهَا، وَتَصِيرُ الدَّرَاهِمُ ظَاهِرِيَّةً؛ فَإِنَّهُ يُعْطَى الْمُسْتَحِقُّ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ مَا قِيمَتُهُ قِيمَةُ الْمَشْرُوطِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute