يَأْتُونَنَا بِلَحْمٍ لَا نَدْرِي أَذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لَمْ يَذْكُرُوا، قَالَ سَمُّوا أَنْتُمْ وَكُلُوا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
[فَصْلٌ فِي ذَكَاةُ الْجَنِينِ]
فَصْلٌ (وَذَكَاةُ جَنِينٍ مُبَاحٍ) احْتِرَازًا عَنْ الْمُحَرَّمِ كَجَنِينِ فَرَسٍ مِنْ حِمَارٍ أَهْلِيٍّ وَجَنِينِ ضَبُعٍ مِنْ ذِئْبٍ (خَرَجَ) مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ الْمُذَكَّاةِ (مَيِّتًا أَوْ مُتَحَرِّكًا كَ) حَرَكَةِ (مَذْبُوحٍ أَشْعَرَ) ؛ أَيْ: أَنْبَتَ شَعْرُ الْجَنِينِ (أَوْ لَا بِتَذْكِيَةِ أُمِّهِ) رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ؛ لِحَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا قَالَ: «ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَلِأَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ وَابْنِ مَاجَهْ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَغَيْرِهِمْ، وَلِأَنَّ الْجَنِينَ مُتَّصِلٌ بِأُمِّهِ اتِّصَالَ خِلْقَةٍ يَتَغَذَّى بِغِذَائِهَا، فَتَكُونُ ذَكَاتُهُ بِذَكَاتِهَا كَأَعْضَائِهَا، وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «ذَكَاةُ أُمِّهِ» فِيهِ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ فَمَنْ رَفَعَ جَعَلَهُ خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: هِيَ ذَكَاةُ أُمِّهِ، فَلَا يَحْتَاجُ الْجَنِينُ إلَى تَذْكِيَةٍ، وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ.
وَمَنْ نَصَبَ قَدَّرَهُ كَذَكَاةِ أُمِّهِ، فَلَمَّا حُذِفَ الْجَارُّ نُصِبَ، فَعَلَيْهِ يَفْتَقِرُ الْجَنِينُ إلَى ذَكَاةٍ، لَكِنْ قَدَّرَهُ ابْنُ مَالِكٍ فِي رِوَايَةِ النَّصْبِ: ذَكَاةُ الْجَنِينِ فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِرِوَايَةِ الرَّفْعِ الْمَشْهُورَةِ.
(وَاسْتَحَبَّ) الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (ذَبْحَهُ) لِيَخْرُجَ دَمُهُ (وَلَمْ يُبَحْ) جَنِينٌ خَرَجَ (مَعَ حَيَاةٍ مُسْتَقِرَّةٍ إلَّا بِذَبْحِهِ) نَصًّا، لِأَنَّهُ نَفْسٌ أُخْرَى، وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ بِحَيَاتِهِ (وَلَا يُؤَثِّرُ مُحَرَّمُ الْأَكْلِ كَسَبُعٍ فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ) الْمُبَاحَةِ، وَهِيَ الضَّبُعُ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ، فَلَا يَمْنَعُ حِلَّ مَتْبُوعِهِ.
(وَمِنْ وَجَأَ بَطْنَ أُمِّ جَنِينٍ) بِمُحَدِّدٍ (مُسَمِّيًا، فَأَصَابَ مَذْبَحَهُ) ، أَيْ: الْجَنِينِ (فَهُوَ مُذَكًّى) لِوُجُودِ الذَّكَاةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute