أَفْسَدَ عَلَيْهِ دِينَهُ) فَلَا يُفْسِدُ هُوَ عَلَيْهِ دِينَهُ، بَلْ يَدْعُو اللَّهَ عَلَيْهِ فِيمَنْ يُفْسِدُ عَلَيْهِ دِينَهُ.
هَذَا مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ، وَالتَّوَرُّعُ عَنْهُ أَوْلَى (قَالَ أَحْمَدُ: الدُّعَاءُ قِصَاصٌ، وَمَنْ دَعَا عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ فَمَا صَبَرَ، يُرِيدُ أَنَّهُ انْتَصَرَ) لِنَفْسِهِ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ دَعَا عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ فَقَدْ انْتَصَرَ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَائِشَةَ.
{وَلَمَنْ صَبَرَ} [الشورى: ٤٣] فَلَمْ يَنْتَصِرْ {وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ} [الشورى: ٤٣] الصَّبْرَ وَالتَّجَاوُزَ {لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [الشورى: ٤٣] : مَعْزُومَاتِهَا بِمَعْنَى الْمَطْلُوبِ شَرْعًا.
[تَتِمَّةٌ إذَا غَصَبَ أَرْضًا فَحُكْمُهَا فِي جَوَازِ دُخُولِ غَيْرِهِ إلَيْهَا حُكْمُهَا قَبْلَ الْغَصْبِ]
ِ، فَإِنْ كَانَتْ مَحُوطَةً كَالدَّارِ وَالْبُسْتَانِ الْمَحُوطِ عَلَيْهِ؛ لَمْ يَجُزْ دُخُولُهَا لِغَيْرِ مَالِكِهَا إلَّا بِإِذْنِهِ لِأَنَّ مِلْكَهُ لَمْ يَزُلْ عَنْهَا، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ دُخُولُهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ، كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي يَدِهِ.
قَالَ أَحْمَدُ فِي الضَّيْعَةِ تَصِيرُ غَيْضَةً فِيهَا سَمَكٌ: لَا يَصِيدُ فِيهَا أَحَدٌ إلَّا بِإِذْنِهِمْ، وَإِنْ كَانَتْ صَحْرَاءَ جَازَ الدُّخُولُ فِيهَا وَرَعْيُ حَشِيشِهَا.
قَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ بِرَعْيِ الْكَلَأِ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ، وَذَلِكَ، أَنَّ الْكَلَأَ لَا يُمْلَكُ بِمِلْكِ الْأَرْضِ، وَيَتَخَرَّجُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الصُّورَتَيْنِ مِثْلُ حُكْمِ الْأُخْرَى قِيَاسًا لَهَا عَلَيْهَا، وَنُقِلَ عَنْ الْمَرُّوذِيِّ فِي دَارٍ طَوَابِيقُهَا غَصْبٌ لَا يَدْخُلُ عَلَى وَالِدَيْهِ فِيهَا؛ لِأَنَّ دُخُولَهُ عَلَيْهِمَا تَصَرُّفٌ فِي الطَّوَابِيقِ الْمَغْصُوبَةِ، وَنَقَلَ عَنْهُ الْفَضْلُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ فِي رَجُلٍ لَهُ إخْوَةٌ فِي أَرْضِ غَصْبٍ: يَزُورُهُمْ، وَيُرَاوِدُهُمْ عَلَى الْخُرُوجِ، فَإِنْ أَجَابُوهُ، وَإِلَّا لَمْ يُقِمْ مَعَهُمْ، وَلَا يَدَعُ زِيَارَتَهُمْ، يَعْنِي يَزُورُهُمْ يَأْتِي بَابَ دَارِهِمْ، وَيَتَعَرَّفُ أَخْبَارَهُمْ، وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ، وَيُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَدْخُلُ إلَيْهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute