[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ]
(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ (الْمَسَاجِدِ) (بِنَاؤُهَا) ، أَيْ: الْمَسَاجِدِ (بِقُرَى وَاجِبٌ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ) ، قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْهَا: الْجُسُورُ وَالْقَنَاطِرُ، وَأَرَاهُ ذَكَرَ الْمَصَانِعَ وَالْمَسَاجِدَ انْتَهَى.
وَبِنَاءُ الْمَسَاجِدِ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَفِي الْحَثِّ عَلَى عِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ وَمُرَاعَاةِ مَصَالِحِهَا آثَارٌ كَثِيرَةٌ، وَأَحَادِيثُ بَعْضُهَا صَحِيحٌ، وَيُسْتَحَبُّ اتِّخَاذُ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ وَتَنْظِيفُهَا وَتَطْيِيبُهَا، لِمَا رَوَتْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ، وَأَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.
(وَهِيَ) ، أَيْ: الْمَسَاجِدُ (أَحَبُّ الْبِقَاعِ إلَى اللَّهِ) تَعَالَى، (وَعَكْسُهَا الْأَسْوَاقُ) ، وَأَبْغَضُ الْبِقَاعِ إلَى اللَّهِ الْأَسْوَاقُ، وَمَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ، بَنَى لَهُ اللَّهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ، يُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ عُثْمَانَ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَنْ بَنَى مَسْجِدًا - قَالَ بُكَيْر: حَسِبْت أَنَّهُ قَالَ: يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ -، بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَسُنَّ مُرَاعَاةُ أَبْنِيَتِهَا) بِإِصْلَاحِهَا وَتَرْمِيمِهَا لِلْأَخْبَارِ.
(وَ) سُنَّ (صَوْنُهَا عَنْ كُلِّ قَذَرٍ كَمُخَاطٍ) وَوَسَخٍ، وَقَذَاةِ عَيْنٍ، وَقُلَامَةِ أَظْفَارٍ، وَقَصِّ شَارِبٍ، وَحَلْقِ رَأْسٍ، وَنَتْفِ إبِطٍ.
(وَ) سُنَّ صَوْنُهُ أَيْضًا عَنْ (تَلْوِيثٍ بِطَاهِرٍ) ، لِحَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي حَتَّى الْقَذَاةُ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنْ الْمَسْجِدِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَخْرَجَ أَذًى مِنْ الْمَسْجِدِ، بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» لِأَنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِذَلِكَ.
(مَا لَمْ يُؤْذِ الْمُصَلِّينَ، فَيَحْرُمُ) عَلَيْهِ ذَلِكَ، (وَعَلَى مَنْ لَوَّثَهُ تَنْظِيفُهُ) ، أَيْ: الْمَسْجِدِ وُجُوبًا.
(وَ) يُسَنُّ أَيْضًا أَنْ يُصَانَ (عَنْ) ذِي (رَائِحَةٍ) كَرِيهَةٍ مِنْ (نَحْوِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute