قَالَ الْقَاضِي: يُبَاحُ عَلَى رِوَايَةٍ مَا يَظْهَرُ غَالِبًا كَالرَّأْسِ وَالْيَدَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ (وَهِيَ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ أَبَدًا بِنَسَبٍ) كَأُخْتِهِ وَعَمَّتِهِ وَخَالَتِهِ (أَوْ سَبَبٍ مُبَاحٍ) كَأُخْتِهِ مِنْ رَضَاعٍ وَزَوْجَةِ أَبِيهِ وَابْنِهِ وَأُمِّ زَوْجَتِهِ، بِخِلَافِ أُخْتِهَا وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَهَا إلَى أَمَدٍ، وَيُبَاحُ النَّظَرُ إلَى رَبِيبَةٍ دَخَلَ بِأُمِّهَا (لِحُرْمَتِهَا) إخْرَاجٌ لِلْمُلَاعَنَةِ؛ لِأَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَى الْمَلَاعِنِ أَبَدًا عُقُوبَةً عَلَيْهِ، لَا لِحُرْمَتِهَا (إلَّا نِسَاءَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) فَلَا يُبَاحُ النَّظَرُ إلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ الْمَذْكُورِينَ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب: ٥٣] (وَلَا) يُبَاحُ لَهُ أَنْ (يَنْظُرَ) إلَى (نَحْوِ أُمٍّ مَزْنِيٍّ بِهَا) كَبِنْتِهَا وَأُمٍّ مَلُوطٍ بِهِ وَبِنْتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُنَّ مَحْرَمًا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ (وَيَتَّجِهُ احْتِمَالٌ) أَنَّ أُمَّ الْمَزْنِيِّ بِهَا لَا يُبَاحُ لِلزَّانِي النَّظَرُ إلَيْهَا (وَلَوْ نَكَحَهَا) أَيْ: الْمَزْنِيَّ بِهَا (بَعْدَ) ذَلِكَ، (لِأَنَّ التَّحْرِيمَ) أَيْ: تَحْرِيمَ نَظَرِهِ لِأُمِّهَا (قَدْ سَبَقَ) مِنْهُ (بِسَبَبِ مَحْرَمٍ) وَهُوَ الزِّنَا، فَامْتَنَعَ عَلَيْهِ النَّظَرُ؛ عُقُوبَةً لَهُ، وَتَغْلِيظًا عَلَيْهِ، وَهَذَا الِاتِّجَاهُ تَمِيلُ إلَيْهِ النَّفْسُ؛ لِتَضَمُّنِهِ (الْوَرَعَ) (وَكَذَا مُحَرَّمَةٌ بِلِعَانٍ) يَحْرُمُ عَلَى الْمُلَاعِنِ النَّظَرُ إلَيْهَا، (وَ) كَذَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ نَظَرٌ (نَحْوَ بِنْتِ مَوْطُوءَةٍ، بِشُبْهَةٍ) كَأُمِّهَا، لِأَنَّ السَّبَبَ لَيْسَ مُبَاحًا.
[تَنْبِيهٌ لَا تُسَافِرُ مُسْلِمَةٌ مَعَ أَبِيهَا الْكَافِرِ]
تَنْبِيهٌ: وَلَا تُسَافِرُ مُسْلِمَةٌ مَعَ أَبُوهَا الْكَافِرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحْرَمًا لَهَا فِي السَّفَرِ، نَصًّا، وَإِنْ كَانَ مَحْرَمًا فِي النَّظَرِ. وَإِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ جَمِيلَةً وَخِيفَتْ الْفِتْنَةُ بِهَا؛ حَرُمَ النَّظَرُ إلَيْهَا، كَالْغُلَامِ الْأَمْرَدِ الَّذِي تُخْشَى الْفِتْنَةُ بِنَظَرِهِ (لِوُجُودِ الْعِلَّةِ فِي تَحْرِيمِ) النَّظَرِ، وَهُوَ الْخَوْفُ مِنْ الْفِتْنَةِ، وَالْفِتْنَةُ تَسْتَوِي فِيهَا الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى، وَنَصَّ أَحْمَدُ أَنَّ الْأَمَةَ الْجَمِيلَةَ تَتَنَقَّبُ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى الْمَمْلُوكَةِ، فَكَمْ نَظْرَةٍ أَلْقَتْ فِي قَلْبِ صَاحِبِهَا الْبَلَابِلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute