(وَيَتَّجِهُ وَكَذَا كُلٌّ مُحِقٍّ) عَجَزَ عَنْ أَخْذِ حَقِّهِ إلَّا بِرَفْعِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ لِوَالٍ يَظْلِمُهُ؛ فَيَجُوزُ لَهُ رَفْعُهُ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إثْمًا؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَدْخَلَ الضَّرَرَ عَلَى نَفْسِهِ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَلِوَلِيِّ مَحْجُورٍ) عَلَيْهِ (خَلْطُ نَفَقَةِ مُوَلِّيه بِمَالِهِ إذَا كَانَ) خَلْطُهَا (أَرْفَقَ) ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} [البقرة: ٢٢٠] وَإِنْ كَانَ إفْرَادُهُ أَرْفَقَ بِهِ أَفْرَدَهُ مُرَاعَاةً لِمَصْلَحَةٍ.
(وَلَوْ) (مَاتَ مَنْ يَتَّجِرُ لِمَحْجُورِهِ وَلِنَفْسِهِ بِمَالِهِ) أَيْ: مَالِ نَفْسِهِ (وَقَدْ اشْتَرَى) الْوَلِيُّ (شَيْئًا، وَلَمْ يَعْرِفْ) ذَلِكَ الشَّيْءَ (لِمَنْ هُوَ،) (فَقَالَ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ؛ لَمْ يُقَسَّمْ بَيْنَهُمَا، و (لَمْ يَقِفْ الْأَمْرُ لِيَصْطَلِحَا) ، خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، (بَلْ مَذْهَبُ) الْإِمَامِ (أَحْمَدَ يُقْرَعُ) بَيْنَهُمَا، (فَمَنْ قَرَعَ حَلَفَ وَأَخَذَهُ) . قَالَهُ فِي " الْفُرُوعِ " قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: إذَا وَقَعَتْ الْقُرْعَةُ لِلْيَتِيمِ فَمَنْ يَحْلِفُ؟ وَكَيْف يَحْلِفُ؟ انْتَهَى.
[فَصْلٌ فِي مَنْ فُكَّ حَجْرُهُ ثُمَّ صَارَ سَفِيهًا]
(فَصْلٌ: وَمَنْ فُكَّ حَجْرُهُ) لِتَكْلِيفِهِ وَرُشْدِهِ، (فَسَفِهَ) ؛ أَيْ: صَارَ سَفِيهًا (أُعِيدَ) حَجْرُهُ؛ لِدَوَرَانِ الْحُكْمِ مَعَ عِلَّتِهِ (بِحُكْمِ حَاكِمٍ) ؛ لِأَنَّ التَّبْذِيرَ هُوَ الَّذِي سَبَّبَ الْحَجْرَ عَلَيْهِ ثَانِيًا يَخْتَلِفُ، فَاحْتَاجَ إلَى الِاجْتِهَادِ، وَمَا احْتَاجَ إلَى الِاجْتِهَادِ، لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ؛ كَالْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِسِ، بِخِلَافِ مَنْ عَاوَدَهُ الْجُنُونُ، فَيُعَادُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ بِلَا حُكْمِ حَاكِمٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى الِاجْتِهَادِ.
(وَلَا يَنْظُرُ فِي مَالِهِ) ؛ أَيْ: السَّفِيهِ (إلَّا حَاكِمٌ) ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ يَفْتَقِرُ إلَى الْحَاكِمِ، وَفَكُّهُ كَذَلِكَ، فَكَذَا النَّظَرُ فِي مَالِهِ؛ (كَمَنْ جُنَّ) بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ، (أَوْ اخْتَلَّ) عَقْلُهُ (لِكِبَرٍ) ، فَلَا يَنْظُرُ فِي مَالِهِمَا إلَّا حَاكِمٌ.
قَالَهُ فِي " الْإِقْنَاعِ " وَهُوَ ظَاهِرُ " الْمُنْتَهَى " وَصَحَّحَهُ فِي " الْإِنْصَافِ " وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْحَاكِمِ فِي حَقِّ مَنْ جُنَّ أَوْ اخْتَلَّ عَقْلُهُ، بِخِلَافِ مَنْ سَفِهَ.
قَالَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute