(وَكُرِهَ ضَرْبُ نَقْدٍ مَغْشُوشٍ وَاِتِّخَاذُهُ، نَصًّا) وَتَقَدَّمَ.
(وَكُرِهَ ضَرْبٌ لِغَيْرِ السُّلْطَانِ. قَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ: لَا يَصْلُحُ ضَرْبُ الدَّرَاهِمِ إلَّا فِي دَارِ الضَّرْبِ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ) ؛ لِأَنَّ النَّاسَ إذَا رُخِّصَ لَهُمْ، رَكِبُوا الْعَظَائِمَ. قَالَ الْقَاضِي: فَقَدْ مُنِعَ مِنْ الضَّرْبِ بِغَيْرِ إذْنِ السُّلْطَانِ، لِمَا فِيهِ مِنْ الِافْتِئَاتِ عَلَيْهِ، (وَيُعْطِي أُجْرَةَ الصُّنَّاعِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ.
[فَصْلٌ يَتَمَيَّزُ ثَمَنٌ عَنْ مُثَمَّنٍ بِبَاءِ الْبَدَلِيَّةِ]
(فَصْلٌ وَيَتَمَيَّزُ ثَمَنٌ عَنْ مُثَمَّنٍ بِبَاءِ الْبَدَلِيَّةِ، وَلَوْ أَنَّ أَحَدَهُمَا) ، أَيْ: الْعِوَضَيْنِ (نَقْدٌ، فَمَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ) الْبَاءُ، فَهُوَ (ثَمَنٌ) ، فَدِينَارٌ بِثَوْبٍ، الثَّمَنُ الثَّوْبُ، لِدُخُولِ الْبَاءِ عَلَيْهِ (وَيَصِحُّ اقْتِضَاءُ نَقْدٍ مِنْ) نَقْدٍ (آخَرَ) ، كَذَهَبٍ مِنْ فِضَّةٍ، وَعَكْسِهِ (إنْ أَحْضَرَ أَحَدَهُمَا) ، أَيْ: النَّقْدَيْنِ، وَإِلَّا، لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، (أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَمَانَةً) أَوْ عَارِيَّةً أَوْ غَصْبًا (وَ) النَّقْدُ (الْآخَرُ مُسْتَقِرٌّ فِي الذِّمَّةِ) ، كَثَمَنٍ وَقَرْضٍ وَأُجْرَةٍ اُسْتُوْفِيَ نَفْعُهَا، بِخِلَافِ دَيْنِ كِتَابَةٍ وَجُعِلَ قَبْلَ عَمَلٍ وَرَأْسِ مَالٍ مُسَلَّمٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَقِرَّ.
(وَلَوْ) كَانَ مَا فِي الذِّمَّةِ غَيْرَ حَالٍّ، كَكَوْنِهِ مُؤَجَّلًا وَقَضَاهُ عَنْهُ بِسِعْرِ يَوْمِ الْقَضَاءِ، جَازَ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِتَعْجِيلِ مَا فِي الذِّمَّةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ (بِسِعْرِ يَوْمِهِ) ، أَيْ: يَوْمِ الِاقْتِضَاءِ، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «كُنَّا نَبِيعُ الْأَبْقِرَةَ بِالْبَقِيعِ بِالدَّنَانِيرِ، وَنَأْخُذُ عَنْهَا الدَّرَاهِمَ، وَبِالدَّرَاهِمِ وَنَأْخُذُ عَنْهَا الدَّنَانِيرَ، فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَتَفَرَّقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ. وَلِأَنَّهُ صَرْفٌ بِعَيْنٍ وَذِمَّةٍ، فَجَازَ، كَمَا لَوْ لَمْ يَسْبِقْهُ اشْتِغَالُ ذِمَّةٍ، وَاعْتُبِرَ سِعْرُ يَوْمِ الْقَضَاءِ، لِلْجَبْرِ، وَلِجَرَيَانِ ذَلِكَ مَجْرَى الْقَضَاءِ فَتَقَيَّدَ بِالْمِثْلِ، وَهُوَ هُنَا مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةِ، لِتَعَذُّرِهِ مِنْ حَيْثُ الصُّورَةِ. ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي ".
(وَيَتَّجِهُ) إنَّمَا يَجِبُ الْقَضَاءُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ، وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، فَيُجْبَرُ هَذَا عَلَى دَفْعِهِ، وَهَذَا عَلَى قَبُولِهِ، وَبِهِ يَحْكُمُ الْحَاكِمُ (إنْ تَشَاحَّا) فِي ذَلِكَ، (وَإِلَّا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute