بِرُجُوعِ الشُّهُودِ أَوْ بَعْضِهِمْ، لَكِنْ يُحَدُّ الرَّاجِعُ لِإِقْرَارِهِ بِالْقَذْفِ، فَيَلْزَمُهُ حَدُّهُ إذَا كَانَ الْحَدُّ جَلْدًا أَوْ رَجْمًا وَطَالَبَهُ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَيُحَدُّ بِطَلَبِ الْوَرَثَةِ.
(وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِزِنَاهُ) ، أَيْ: فُلَانٍ (بِفُلَانَةَ، فَشَهِدَ أَرْبَعَةٌ آخَرُونَ [أَنْ الشُّهُودَ هُمْ الزُّنَاةُ بِهَا] ) دُونَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ (حُدَّ) الْأَرْبَعَةُ (الْأَوَّلُونَ) الشَّاهِدُونَ بِهِ (فَقَطْ) دُونَ الشُّهُودِ عَلَيْهِ لِقَدْحِ الْآخَرِينَ فِي شَهَادَتِهِمْ عَلَيْهِ (لِلْقَذْفِ وَالزِّنَا) لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِزِنًا لَمْ يَثْبُتْ فَهُمْ قَذَفَةٌ، وَيَثْبُتُ عَلَيْهِمْ الزِّنَا بِشَهَادَةِ الْآخَرِينَ.
وَإِذَا كَمَلَتْ الشَّهَادَةُ بِحَدٍّ، ثُمَّ مَاتَ الشُّهُودُ أَوْ غَابُوا، لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ إقَامَةَ الْحَدِّ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ، وَاحْتِمَالُ رُجُوعِهِمْ لَيْسَ شُبْهَةً يُدْرَأُ بِهِ الْحَدُّ، لِبُعْدِهِ، وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِزِنًا قَدِيمٍ، أَوْ أَقَرَّ الزَّانِي بِهِ، وَجَبَ الْحَدُّ، لِعُمُومِ الْآيَةِ وَكَسَائِرِ الْحُقُوقِ.
وَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالْحَدِّ مِنْ غَيْرِ مُدَّعٍ نَصَّصَ عَلَيْهِ لِقِصَّةِ أَبِي بَكْرَةَ.
(وَإِنْ حَمَلَتْ مَنْ لَا زَوْجَ لَهَا وَلَا سَيِّدَ، لَمْ تُحَدَّ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ) الْحَمْلِ، لَكِنْ تُسْأَلُ وَلَا يَجِبُ سُؤَالُهَا، لِمَا فِيهِ مِنْ إشَاعَةِ الْفَاحِشَةِ، وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، فَإِنْ ادَّعَتْ إكْرَاهًا أَوْ وَطْئًا بِشُبْهَةٍ، أَوْ لَمْ تُقِرَّ بِزِنًا أَرْبَعًا، لَمْ تُحَدَّ، وَرَوَى سَعِيدٌ أَنَّ امْرَأَةً رُفِعَتْ إلَى عُمَرَ لَيْسَ لَهَا زَوْجٌ وَقَدْ حَمَلَتْ، وَسَأَلَهَا عُمَرُ فَقَالَتْ: إنِّي امْرَأَةٌ ثَقِيلَةُ الرَّأْسِ وَقَعَ عَلَيَّ رَجُلٌ وَأَنَا نَائِمَةٌ، فَمَا اسْتَيْقَظْتُ حَتَّى نَزَعَ، فَدَرَأَ عَنْهَا الْحَدَّ.
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ إذَا كَانَ فِي الْحَدِّ لَعَلَّ وَعَسَى فَهُوَ مُعَطَّلٌ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْحَدَّ يُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، وَهِيَ مُتَحَقِّقَةٌ.
[بَابُ الْقَذْفِ]
ِ (الْقَذْفُ وَهُوَ) لُغَةً الرَّمْيُ بِقُوَّةٍ ثُمَّ غَلَبَ عَلَى (الرَّمْيِ بِزِنًا أَوْ لِوَاطٍ أَوْ شَهَادَةٍ بِأَحَدِهِمَا) ، أَيْ: الزِّنَا وَاللِّوَاطِ (وَلَمْ تَكْمُلْ الْبَيِّنَةُ) بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَهُوَ مُحَرَّمٌ إجْمَاعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute