الْمَجْهُولِ لَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا، أَوْ أَبْرَأَ أَحَدَهُمَا، وَيُؤْخَذُ بِالْبَيَانِ، وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ فِي " التَّنْقِيحِ " " وَالْمُنْتَهَى " عَدَمُ الصِّحَّةِ، وَتَابَعَهُمَا الْمُصَنِّفُ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ.
(وَلَوْ تَبَارَآ) أَيْ: الدَّائِنُ وَالْمُسْتَدِينُ (وَ) ظَهَرَ (لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ دَيْنٌ) مُسَطَّرٌ (بِ) صَكٍّ (مَكْتُوبٍ، فَادَّعَى) مَنْ هُوَ بِيَدِهِ (اسْتِثْنَاءَهُ) مِنْ الْإِبْرَاءِ (قُبِلَ) قَوْلُهُ (بِيَمِينِهِ) لِأَنَّهُ غَارِمٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
[فَصْلٌ مَا صَحَّ بَيْعُهُ مِنْ الْأَعْيَانِ صَحَّتْ هِبَتُهُ]
(فَصْلٌ: وَمَا صَحَّ بَيْعُهُ) مِنْ الْأَعْيَانِ (صَحَّتْ هِبَتُهُ) لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ فِي الْحَيَاةِ، فَصَحَّتْ فِيمَا صَحَّ فِيهِ الْبَيْعُ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لَا تَصِحُّ هِبَتُهُ؛ كَأُمِّ الْوَلَدِ، وَيَجُوزُ نَقْلُ الْيَدِ فِي الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِ، وَلَيْسَ هِبَةً حَقِيقِيَّةً (وَ) صَحَّ (اسْتِثْنَاءُ نَفْعِهِ) أَيْ: الشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ فِي الْهِبَةِ (عِنْدَ إنْشَائِهَا زَمَنًا مُعَيَّنًا) كَشَهْرٍ وَسَنَةٍ، قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ فِيمَا إذَا شَرَطَ فِيهِ الْبَائِعُ نَفْعًا مَعْلُومًا، كَسُكْنَى الدَّارِ الْمَبِيعَةِ شَهْرًا، وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَمَا لَا) يَصِحُّ بَيْعُهُ (فَلَا) تَصِحُّ هِبَتُهُ كَالْكَلْبِ وَجِلْدِ الْمَيِّتَةِ الْمَأْكُولَةِ، وَإِنْ جَازَ الِانْتِفَاعُ بِهِمَا.
(وَيَتَّجِهُ غَيْرُ نَحْوِ جِلْدِ أُضْحِيَّةٍ) كَجِلْدِ هَدْيٍ؛ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَتَصِحُّ هِبَتُهُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ وَتَصِحُّ هِبَةُ مُصْحَفٍ وَإِنْ قِيلَ يُمْنَعُ بَيْعُهُ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا
(فَلَا تَصِحُّ) هِبَةُ مَجْهُولٍ (كَحَمْلٍ بِبَطْنٍ وَلَبَنٍ بِضَرْعٍ وَصُوفٍ عَلَى ظَهْرٍ) خِلَافًا لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ فِي الْأَخِيرَةِ؛ لِلْجَهَالَةِ وَتَعَذُّرِ التَّسْلِيمِ (فَإِنْ أَذِنَ رَبُّ شَاةٍ لَهُ) أَيْ: لِإِنْسَانٍ (فِي جَزِّ صُوفِ) هَا (وَحَلْبِ) هَا (فَ) هُوَ (إبَاحَةٌ) لَا هِبَةٌ.
وَإِنْ وَهَبَ دُهْنَ سِمْسِمٍ - وَهُوَ الشَّيْرَجَ - قَبْلَ عَصْرِهِ، أَوْ زَيْتَ زَيْتُونَةٍ، أَوْ جَفَّتْهُ قَبْلَ عَصْرِهِمَا؛ لَمْ يَصِحَّ كَاللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ، وَأَوْلَى لِكُلْفَةِ الِاعْتِصَارِ (فَ) قَوْلُ رَبِّ مَالٍ لِآخَرَ (خُذْ مِنْ هَذَا الْكِيسِ مَا شِئْت؛ فَلَهُ أَخْذُ كُلِّ مَا بِهِ) .
وَلَوْ قَالَ: خُذْ (مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute