مَا شِئْت؛ لَمْ يَمْلِكْ أَخْذَ الْكُلِّ) إذْ الْكِيسُ ظَرْفٌ، فَإِذَا أَخَذَ الْمَظْرُوفَ حَسُنَ أَنْ يُقَالَ: أَخَذْت مِنْ الْكِيسِ مَا فِيهِ، وَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ: أَخَذْت مِنْ الدَّرَاهِمِ كُلِّهَا. قَالَهُ ابْنُ الصَّيْرَفِيِّ فِي " النَّوَادِرِ ".
(وَكَذَا) أَيْ: كَالصُّورَةِ الَّتِي قَبْلَهَا قَوْلُ مَالِكٍ: (مَا أَخَذْت مِنْ مَالِي فَهُوَ لَك أَوْ) قَوْلُهُ: (مَنْ وَجَدَ شَيْئًا مِنْ مَالِي، فَلَهُ حَيْثُ لَا قَصْدَ) فَهُوَ (هِبَةٌ حَقِيقِيَّةٌ كَمَا) مَرَّ (فِي هِبَةِ دَيْنٍ) قَالَ فِي " الِاخْتِيَارَاتِ " بَعْدَ ذِكْرِهِ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ وَغَيْرِهِمَا: وَفِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ يَحْصُلُ الْمِلْكُ بِالْقَبْضِ وَنَحْوِهِ، وَلِلْمُبِيحِ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا قَالَ قَبْلَ التَّمَلُّكِ، وَهَذَا نَوْعٌ مِنْ الْهِبَةِ يَتَأَخَّرُ الْقَبُولُ فِيهِ عَنْ الْإِيجَابِ كَثِيرًا، وَلَيْسَ بِإِبَاحَةٍ.
(وَيَتَّجِهُ) صِحَّةُ الْهِبَةِ فِيمَا ذُكِرَ، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا (وَ) أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ قَائِلُ ذَلِكَ (بَعْدَ قَبْضٍ) أَخَذَ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ صَادَفَ إذْنًا صَحِيحًا مِنْ مَالِكٍ، فَمَلَك مَا قَبَضَهُ مِنْ الْمَالِ، وَامْتَنَعَ عَلَى الْمُعْطِي الرُّجُوعُ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَأْخُوذِ.
(وَ) يَتَّجِهُ (أَنَّ بَابَ الْإِبَاحَةِ أَوْسَعُ) مِنْ بَابِ الْهِبَةِ (وَ) يَتَّجِهُ (أَنَّ مِثْلَهُ) فِي الْحُكْمِ (مَنْ يَتَصَدَّقْ) عَلَى شَخْصٍ فَأَكْثَرَ (جُزَافًا) أَيْ: مِنْ غَيْرِ وَزْنٍ وَلَا كَيْلٍ وَلَا عَدٍّ كَالصُّبْرَةِ؛ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهَا قَابِضُهَا، وَلَيْسَ لِلْمُتَصَدِّقِ الرُّجُوعُ بِهَا بَعْدَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مَمْلُوكَةً لِلْأَخْذِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَلَا) تَصِحُّ (هِبَةُ مَجْهُولٍ لَهُمَا) أَيْ: الْوَاهِبِ وَالْمُتَّهِبِ (لَمْ يَتَعَذَّرْ عِلْمُهُ) نَصًّا كَنَحْلٍ فِي كُوَّارَةٍ، وَحَمْلٍ فِي بَطْنٍ وَنَحْوِهِ، وَتَقَدَّمَ آنِفًا؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ تَمْلِيكٌ؛ فَلَا تَصِحُّ فِي الْمَجْهُولِ كَالْبَيْعِ (بِخِلَافِ أَعْيَانٍ اشْتَبَهَتْ) كَزَيْتٍ اخْتَلَطَتْ بِزَيْتٍ وَنَحْوِهِ أَوْ بِشَيْرَجٍ (وَتَعَذَّرَ فِيهِ تَمْيِيزُهَا) فَتَصِحُّ هِبَتُهَا (كَمَا مَرَّ فِي الصُّلْحِ) لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ
(فَمَنْ وَهَبَ) أَرْضًا (أَوْ تَصَدَّقَ) بِأَرْضٍ (أَوْ وَقَفَ) أَرْضًا (أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute