مِنْ ذَلِكَ إعْلَامُ مَقْذُوفٍ أَوْ مُغْتَابٍ وَنَحْوِهِمَا. نَقَلَ مُهَنَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْلِمَهُ؛ لِأَنَّ فِي إعْلَامِهِ دُخُولَ غَمٍّ عَلَيْهِ وَزِيَادَةَ إيذَاءٍ.
وَقَالَ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ: يَحْرُمُ عَلَى الْقَاذِفِ وَنَحْوِهِ إعْلَامُ مَقْذُوفٍ وَمُغْتَابٍ وَنَحْوِهِ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الصَّحِيحُ لَا يَجِبُ الِاعْتِرَافُ لِلْمَظْلُومِ، وَلَوْ سَأَلَهُ فَيُعَرِّضُ فِي إنْكَارِهِ حِذَارًا (مِنْ الْكَذِبِ - وَلَوْ مَعَ اسْتِحْلَافِهِ - لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ؛ لِصِحَّةِ تَوْبَتِهِ فَيَنْفَعُهُ التَّأْوِيلُ وَمَعَ عَدَمِ التَّوْبَةِ وَإِلَّا لَكَانَ تَعْرِيضُهُ فِي الْإِنْكَارِ كَذِبٌ، وَيَمِينُهُ غَمُوسٌ، لِأَنَّهُ ظَالِمٌ) فَلَا يَنْفَعُهُ تَعْرِيضُهُ. وَقَالَ أَيْضًا: وَاخْتَارَ أَصْحَابُنَا لَا يُعْلِمُهُ، بَلْ يَدْعُو لَهُ فِي مُقَابَلَةِ مَظْلَمَتِهِ.
وَقَالَ: وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَيُّمَا مُسْلِمٍ شَتَمْتُهُ أَوْ سَبَبْتُهُ فَاجْعَلْ ذَلِكَ لَهُ صَلَاةً وَزَكَاةً وَقُرْبَةً تُقَرِّبُهُ بِهَا إلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: «إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ اللَّهُمَّ إنِّي أَتَّخِذُ عِنْدَكَ عَهْدًا لَنْ تُخْلِفَنِيهِ إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ آذَيْتُهُ أَوْ شَتَمْتُهُ أَوْ جَلَدْتُهُ أَوْ لَعَنْتُهُ فَاجْعَلْهَا لَهُ صَلَاةً» . الْحَدِيثَ.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَيْضًا: زِنَاهُ بِزَوْجَةِ غَيْرِهِ كَالْغِيبَةِ. وَذَكَرَ فِي " الْغُنْيَةِ " إنْ تَأَذَّى بِمَعْرِفَتِهِ كَزِنَاهُ بِجَارِيَتِهِ أَوْ أَهْلِهِ وَغِيبَتُهُ بِعَيْبٍ خَفِيٍّ يَعْظُمُ أَذَاهُ، فَهُنَا لَا طَرِيقَ لَهُ إلَى أَنْ يَسْتَحِلَّهُ، وَيَبْقَى لَهُ عَلَيْهِ مَظْلِمَةٌ فَيَجْبُرُهَا بِالْحَسَنَاتِ كَمَا تُجْبَرُ مَظْلِمَةُ الْمَيِّتِ وَالْغَائِبِ، وَلَوْ أَعْلَمَهُ بِمَا فَعَلَ، وَلَمْ يُبَيِّنْهُ، فَحَلَّلَهُ فَهُوَ كَإِبْرَاءٍ مِنْ مَجْهُولٍ بِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْهِبَةِ.
[بَابُ حَدِّ الْمُسْكِرِ]
ِ السُّكْرُ اخْتِلَاطُ الْعَقْلِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: السَّكْرَانُ خِلَافُ الصَّاحِي، وَالْجَمْعُ سَكْرَى وَسَكَارَى بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِهَا وَالْمَرْأَةُ سَكْرَى، وَلُغَةُ بَنِي أَسَدٍ سَكْرَانَةُ، وَالْمُسْكِرُ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَسْكَرَ الشَّرَابُ إذَا جَعَلَ صَاحِبَهُ سَكْرَانَ، أَوْ كَانَ فِيهِ قُوَّةٌ تَفْعَلُ ذَلِكَ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ بِالْإِجْمَاعِ وَمَا نُقِلَ عَنْ قُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute