لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ التُّهْمَةِ، وَأَقْطَعُ مِنْ الْمَظِنَّةِ، وَفِيهِ خُرُوجٌ مِنْ الْخِلَافِ، وَحِفْظٌ لِمَالِهِ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ
[تَنْبِيهٌ يَنْبَغِي لِوَلِيِّ اللَّقِيطِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ]
ِ، كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ، فَإِذَا بَلَغَ وَاخْتَلَفَا هُوَ وَوَاجِدُهُ فِي قَدْرِ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ، أَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّفْرِيطِ فِي الْإِنْقَاقِ بِأَنْ قَالَ اللَّقِيطُ: أَنْفَقْتُ فَوْقَ الْمَعْرُوفِ، وَأَنْكَرَهُ وَاجِدُهُ؛ فَقَوْلُ الْمُنْفِقِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ.
(وَكَذَا) لِوَاجِدِ اللَّقِيطِ (قَبُولُ هِبَةٍ) لِلَّقِيطِ، وَقَبُولُ (وَصِيَّةٍ) لَهُ، وَزَكَاةٍ، وَنَذْرٍ، كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ، وَلِأَنَّ الْقَبُولَ مَحْضُ مَصْلَحَةٍ، فَكَانَ لَهُ بِلَا إذْنِ حَاكِمٍ، كَحِفْظِهِ وَتَرْبِيَتِهِ.
قَالَ فِي شَرْحِ الْإِقْنَاعِ " قُلْتُ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ يَجِبُ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِاللَّقِيطِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَجْرِ.
(وَيَصِحُّ) - أَيْ: يَجُوزُ - (الْتِقَاطُ قِنٍّ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ) ، بَلْ يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ تَخْلِيصٌ لَهُ مِنْ الْمَهْلَكَةِ؛ وَهُوَ وَاجِبٌ فِي هَذِهِ الْحَالِ؛ لِانْحِصَارِهِ فِيهِ.
وَيَصِحُّ الْتِقَاطُ (ذِمِّيٍّ لِذِمِّيٍّ) ، وَيُقَرُّ بِيَدِهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: ٧٣] .
(وَلَوْ الْتَقَطَ) لَقِيطًا (كَافِرًا) اثْنَانِ (مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ) ؛ فَهُمَا (سَوَاءٌ) قَالَهُ الْأَصْحَابُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ؛ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الِالْتِقَاطِ.
وَلِلْكَافِرِ عَلَى الْكَافِرِ الْوِلَايَةُ (وَاخْتَارَ جَمْعٌ) مِنْهُمْ صَاحِبُ " الْمُغْنِي " وَالشَّارِحِ وَالنَّظْمِ " أَنَّ (الْمُسْلِمَ أَحَقُّ بِهِ) .
قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ بِلَا تَرَدُّدٍ لِأَنَّهُ عِنْدَ الْمُسْلِمِ يَنْشَأُ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَيَتَعَلَّمُ شَرَائِعَ الدِّينِ، فَيَفُوزُ بِالسَّعَادَةِ الْكُبْرَى.
(وَيُقَرُّ) لَقِيطٌ (بِيَدِ مَنْ) الْتَقَطَهُ (بِالْبَادِيَةِ مُقِيمًا فِي حِلَّةٍ) - بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ - وَهُوَ بُيُوتٌ مُجْتَمِعَةٌ لِلِاسْتِيطَانِ؛ لِأَنَّهَا كَالْقَرْيَةِ، فَإِنَّ أَهْلَهَا لَا يَرْحَلُونَ عَنْهَا لِطَلَبِ الْمَاءِ وَالْكَلَأِ.
(أَوْ) لَمْ يَكُنْ فِي حِلَّةٍ، لَكِنَّهُ (يُرِيدُ) وَاجِدُهُ (نَقْلَهُ)