السِّيَاقِ (وَصَوَّبَهُ) أَيْ: اسْتِحْقَاقَ أَهْلِ الْعَقِبِ مُرَتَّبًا فِي " الْإِنْصَافِ " قَالَ فِي " الِاخْتِيَارَاتِ ": الْوَاوُ كَمَا لَا تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ لَا تَنْفِيهِ، لَكِنْ هِيَ سَاكِتَةٌ عَنْهُ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا، وَلَكِنْ تَدُلُّ عَلَى التَّشْرِيكِ، وَهُوَ الْجَمْعُ الْمُطْلَقُ، فَإِنْ كَانَ فِي الْوَقْفِ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّرْتِيبِ مِثْلَ إنْ رَتَّبَ أَوَّلًا؛ عُمِلَ بِهِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُنَافِيًا لِمُقْتَضَى الْوَاوِ. انْتَهَى.
فَائِدَةٌ: لَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ مَنْ مَاتَ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الْوَقْفِ عَنْ وَلَدٍ - وَإِنْ سَفَلَ - وَآلَ الْحَالُ فِي الْوَقْفِ إلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُتَوَفَّى مَوْجُودًا لَدَخَلَ؛ قَامَ وَلَدُهُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ وَإِنْ سَفَلَ، وَاسْتَحَقَّ مَا كَانَ أَصْلُهُ يَسْتَحِقُّهُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا، فَانْحَصَرَ الْوَقْفُ فِي رَجُلٍ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ، وَرُزِقَ خَمْسَةَ أَوْلَادٍ مَاتَ أَحَدُهُمْ فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ، وَتَرَكَ وَلَدًا ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ عَنْ أَوْلَادِهِ الْأَرْبَعَةِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ، ثُمَّ مَاتَ عَنْ الْأَرْبَعَةِ ثَلَاثَةٌ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ، وَبَقِيَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَاحِدٌ مَعَ وَلَدِ أَخِيهِ؛ اسْتَحَقَّ الْوَلَدُ الْبَاقِي أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ رِيعِ الْوَقْفِ، وَوَلَدُ أَخِيهِ الْخُمْسَ الْبَاقِي. أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الشَّهَاوِيُّ الْحَنَفِيُّ، وَتَابَعَهُ النَّاصِرُ الطَّبَلَاوِيُّ الشَّافِعِيُّ، وَالشِّهَابِيُّ أَحْمَدُ الْبُهُوتِيُّ الْحَنْبَلِيُّ، وَوَجْهُهُ أَنَّ قَوْلَ الْوَاقِفِ: عَلَى أَنَّ مِنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي هَذَا الْوَقْفِ إلَى آخِرِهِ، مَقْصُورٌ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْوَلَدِ لِنَصِيبِ وَالِدِهِ الْمُسْتَحِقِّ لَهُ فِي حَيَاتِهِ، لَا يَتَعَدَّاهُ إلَى مَنْ مَاتَ مِنْ إخْوَةِ وَالِدِهِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ بَعْدَ مَوْتِهِ، بَلْ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ لِلْإِخْوَةِ الْأَحْيَاءِ؛ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ: عَلَى أَنَّ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ إلَى آخِرِهِ؛ إذْ لَا يُمْكِنُ إقَامَةُ الْوَلَدِ مَقَامَ أَبِيهِ فِي صَفِّ الَّذِي هُوَ الْإِخْوَةُ، حَقِيقَةً بَلْ مَجَازًا، وَالْأَصْلُ حِفْظُ اللَّفْظِ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَفِي ذَلِكَ جَمْعٌ بَيْنَ الشَّرْطَيْنِ، وَعَمَلٌ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي مَحَلِّهِ، وَذَلِكَ أَوْلَى مِنْ إلْغَاءِ أَحَدِهِمَا.
[فَصْلٌ وَقَفَ شَيْئًا عَلَى بَنِيهِ أَوْ عَلَى بَنِي فُلَانٍ]
(فَصْلٌ: مَنْ وَقَفَ شَيْئًا عَلَى بَنِيهِ أَوْ عَلَى بَنِي فُلَانٍ فَهُوَ لِذُكُورٍ خَاصَّةً) لِأَنَّ لَفْظَ الْبَنِينَ وُضِعَ لِذَلِكَ حَقِيقَةً؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute