[فَصْلٌ أَحَالَ ضَامِنٌ رَبَّ دَيْنٍ بِهِ وَلَمْ يَنْوِ رُجُوعًا عَلَى مَضْمُونٍ عَنْهُ بِمَا قَضَاهُ]
[فَصْلٌ] : (وَإِنْ) (قَضَى الدَّيْنَ ضَامِنٌ، أَوْ أَحَالَ) ضَامِنٌ رَبَّ دَيْنٍ (بِهِ، وَلَمْ يَنْوِ) ضَامِنٌ (رُجُوعًا) عَلَى مَضْمُونٍ عَنْهُ بِمَا قَضَاهُ أَوْ أَحَالَ بِهِ عَنْهُ - (وَلَوْ) كَانَ عَدَمُ نِيَّةِ الرُّجُوعِ (ذُهُولًا) - (لَمْ يَرْجِعْ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ سَوَاءٌ كَانَ الضَّمَانُ وَالْقَضَاءُ وَالْحَوَالَةُ بِإِذْنِ الْمَضْمُونِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ مُبَرِّئٌ مِنْ دَيْنٍ وَاجِبٍ، فَكَانَ مِنْ ضَمَانِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ؛ كَالْحَاكِمِ إذَا قَضَى عَنْهُ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ - (وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ) الْمَضْمُونُ (فِي ضَمَانٍ وَلَا قَضَاءٍ) - لِمَا سَبَقَ.
وَأَمَّا قَضَاءُ عَلِيٍّ وَأَبِي قَتَادَةَ عَنْ الْمَيِّتِ، فَكَانَ تَبَرُّعًا؛ لِقَصْدِ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ عِلْمِهِمَا أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً.
وَالْكَلَامُ فِيمَنْ نَوَى الرُّجُوعَ، لَا مَنْ تَبَرَّعَ
وَيَرْجِعُ ضَامِنٌ (بِالْأَقَلِّ مِمَّا قَضَى، وَلَوْ) كَانَ مَا قَضَاهُ لَا (قِيمَةَ عِوَضٍ عَوَّضَهُ) الضَّامِنُ (بِهِ) ؛ أَيْ: الدَّيْنِ (أَوْ قَدْرِ الدَّيْنِ) ، فَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَشَرَةً وَوَفَّاهُ عَنْهُ ثَمَانِيَةً، أَوْ عَوَّضَهُ عَنْهُ عِوَضًا قِيمَتُهُ ثَمَانِيَةٌ، أَوْ بِالْعَكْسِ؛ رَجَعَ بِالثَّمَانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَقْضِيُّ أَقَلَّ فَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ، وَلِهَذَا لَوْ أَبْرَأَهُ غَرِيمٌ؛ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ الْأَقَلُّ الدَّيْنَ فَالزَّائِدُ غَيْرُ لَازِمٍ لِلْمَضْمُونِ فَالضَّامِنُ مُتَبَرِّعٌ بِهِ.
(وَكَذَا) فِي الرُّجُوعِ وَعَدَمِهِ (كَفِيلٌ وَكُلُّ مُؤَدٍّ عَنْ غَيْرِهِ دَيْنًا وَاجِبًا) ، فَيَرْجِعُ إنْ نَوَى الرُّجُوعَ.
وَإِلَّا فَلَا، (بِخِلَافِ دَيْنٍ لَمْ يَحِلَّ؛ فَلَا يَرْجِعُ قَاضِيهِ) عَلَى الْمَدِينِ (قَبْلَ حُلُولِهِ) ؛ لِعَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ
(وَيَتَّجِهُ فِي دَيْنِ كِتَابَةٍ) إذَا قَضَاهُ شَخْصٌ عَنْ الْمُكَاتَبِ بَعْدَ حُلُولِ نَجْمِهِ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِنَظِيرِهِ؛ فَلَهُ (الرُّجُوعُ) ؛ لِأَنَّهُ قَضَى عَنْهُ دَيْنًا وَاجِبًا صُورَةً، (وَ) أَمَّا إذَا قَضَاهُ قَبْلَ حُلُولِ النَّجْمِ، فَيَتَّجِهُ (عَدَمُهُ) ؛ أَيْ: الرُّجُوعِ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِمَا أَدَّاهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُعْجِزُ نَفْسَهُ وَيَعُودُ إلَى الرِّقِّ، فَيَفُوتُ الْمَالُ عَلَى الدَّافِعِ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ مَالًا غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ؛ أَشْبَهَ الْمُتَبَرِّعَ.
وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute