بَيْنَهُمَا؛ فَيَصِحُّ لِعِلْمِهِ مَا جُعِلَ عَلَيْهِ.
أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ (وَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِإِعْتَاقِهِ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَمْ يَقْصِدْهُ بِهِ الْمُعْتِقُ، فَلَمْ يُوجَدْ مَا يَقْتَضِي صَرْفَهُ إلَيْهِ، فَبَقِيَ لِلْمُعْتِقِ؛ لِحَدِيثِ: «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» .
(وَيُجْزِئُهُ) ؛ أَيْ: الْمُعْتِقَ هَذَا الْعِتْقُ (عَنْ وَاجِبٍ) عَلَيْهِ مِنْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ.
(وَلَوْ قَالَ) لِمَالِكِ قِنٍّ: (اُقْتُلْهُ عَلَى كَذَا فَلَغْوٌ) ؛ لِأَنَّهُ عَلَى مُحَرَّمٍ.
(وَإِنْ قَالَ كَافِرٌ) لِشَخْصٍ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ: (اعْتِقْ عَبْدَك الْمُسْلِمَ عَنِّي، وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ فَفَعَلَ) ؛ أَيْ: أَعْتَقَهُ عَنْ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُهُ زَمَنًا يَسِيرًا، وَلَا يَتَسَلَّمُهُ، فَاغْتُفِرَ هَذَا الضَّرَرُ الْيَسِيرُ لِأَجْلِ تَحْصِيلِ الْحُرِّيَّةِ لِلْأَبَدِ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا نَفْعٌ عَظِيمٌ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ بِهَا يَصِيرُ مُتَهَيِّئًا لِلطَّاعَاتِ وَكَمَالِ الْقُرُبَاتِ (وَوَلَاؤُهُ لِلْكَافِرِ) ؛ لِأَنَّ الْمُعْتِقَ كَالنَّائِبِ عَنْهُ (وَيَرِثُ) الْكَافِرُ (بِهِ) ؛ أَيْ: بِالْوَلَاءِ مِنْ الْمُعْتَقِ الْمُسْلِمِ (وَكَذَا كُلُّ مَنْ بَايَنَ دِينَ مُعْتِقِهِ) لِعُمُومِ حَدِيثِ: «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» .
وَرُوِيَ إرْثُ الْكَافِرِ مِنْ الْمُسْلِمِ بِالْوَلَاءِ عَنْ عَلِيٍّ، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِقَوْلِ عَلِيٍّ: الْوَلَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الرِّقِّ، فَلَمْ يَضُرَّ تَخَالُفُ الدِّينِ، بِخِلَافِ الْإِرْثِ بِالنَّسَبِ.
[فَصْلٌ لَا يَرِثُ نِسَاءٌ بِوَلَاءٍ إلَّا مَنْ أَعْتَقْنَ]
(فَصْلٌ) : (وَلَا يَرِثُ نِسَاءٌ بِوَلَاءٍ إلَّا مَنْ أَعْتَقْنَ) ؛ أَيْ: مَنْ بَاشَرْنَ عِتْقَهُ (أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ) ؛ أَيْ: عَتِيقُ مَنْ بَاشَرْنَ عِتْقَهُ (أَوْ) مَنْ (كَاتَبْنَ) فَأَدَّى، وَعَتَقَ (أَوْ) مَنْ (كَاتَبَ مَنْ كَاتَبْنَ) ؛ أَيْ: مُكَاتَبُ مَنْ كَاتَبَهُ النِّسَاءُ إذَا أَدَّى وَعَتَقَ (وَأَوْلَادُهُمْ) ؛ أَيْ: أَوْلَادُ مَنْ تَقَدَّمَ أَنَّ لَهُنَّ وَلَاءَهُ مِنْ أَمَةٍ أَوْ عَتِيقَةٍ (وَمَنْ جَرَوْا) ؛ أَيْ: مَعَاتِيقُهُنَّ وَأَوْلَادَهُنَّ (وَلَاءَهُ) بِعِتْقِهِمْ إيَّاهُ.
رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ؛ لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: «مِيرَاثُ الْوَلَاءِ لِلْكُبْرِ مِنْ الذُّكُورِ وَلَا يَرِثُ النِّسَاءُ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا وَلَاءَ مَنْ أَعْتَقْنَ» .
وَلِأَنَّ الْوَلَاءَ شُبِّهَ بِالنَّسَبِ، وَالْمَوْلَى الْعَتِيقُ مِنْ الْمَوْلَى الْمُنْعِمِ بِمَنْزِلَةِ أَخِيهِ أَوْ عَمِّهِ، فَوَلَدُهُ مِنْ الْعَتِيقِ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِ أَخِيهِ أَوْ وَلَدِ عَمِّهِ، وَلَا يَرِثُ مِنْهُمْ إلَّا الذُّكُورُ خَاصَّةً،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute