وَمَنْ شَهِدَ بِشَهَادَةٍ يَجُرُّ إلَى نَفْسِهِ نَفْعًا؛ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُ فِي الْكُلِّ، وَإِنَّمَا يَقْبَلُ ذَلِكَ فِي الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ الْعَدَالَةَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِيهِ، وَالتُّهْمَةُ لَا تَمْنَعُ مِنْ صِحَّتِهِ، بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَذْهَبَ الْأَوَّلُ.
(وَمَنْ قَبِلَ كِتَابَةً) مِنْ سَيِّدِهِ (عَنْ نَفْسِهِ وَ) عَنْ رَقِيقٍ لِسَيِّدِهِ (غَائِبٍ) بِأَنْ قَالَ سَيِّدٌ: لِبَعْضِ أَرِقَّائِهِ: كَاتَبْتُك وَفُلَانًا الْغَائِبَ عَلَى مِائَتَيْنِ تُؤَدِّيَانِهِمَا عَلَى قِسْطَيْنِ سَلْخَ كُلِّ شَهْرٍ النِّصْفَ، فَقَالَ الْعَبْدُ: قَبِلْت ذَلِكَ لِنَفْسِي وَلِفُلَانٍ الْغَائِبِ (صَحَّ) ذَلِكَ (كَتَدْبِيرٍ) ؛ أَيْ: كَمَا يَصِحُّ التَّدْبِيرُ مَعَ غِيبَةِ الْمُدَبَّرِ بِجَامِعِ كَوْنِ التَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ سَبَبَيْنِ لِلْعِتْقِ وَإِنْ انْفَرَدَتْ الْكِتَابَةُ بِشُرُوطٍ لَيْسَتْ لِلتَّدْبِيرِ إذَا تَقَرَّرَ هَذَا (فَإِنْ أَجَازَ الْغَائِبُ) مَا قَبِلَهُ لَهُ الْحَاضِرُ مِنْ الْكِتَابَةِ؛ انْعَقَدَتْ لَهُ، وَصَارَ الْمَالُ عَلَيْهِمَا عَلَى حُكْمِ مَا قَبِلَ الْحَاضِرُ (وَإِلَّا) يَجْزِ الْغَائِبُ مَا فَعَلَهُ الْحَاضِرُ (لَزِمَهُ الْكُلُّ) ؛ أَيْ: لَزِمَ الْحَاضِرَ الْمِائَتَانِ اللَّتَانِ كَاتَبَهُمَا السَّيِّدُ عَلَيْهِمَا (وَعَتَقَ) الْحَاضِرُ بِأَدَائِهِمَا (وَحْدَهُ) لِحُصُولِ الْقَبُولِ مِنْهُ ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ.
[فَصْلٌ اخْتَلَفَا السَّيِّدُ وَرَقِيقُهُ فِي كِتَابَةٍ]
(فَصْلٌ: وَإِنْ اخْتَلَفَا) ؛ أَيْ: السَّيِّدُ وَرَقِيقُهُ (فِي كِتَابَةٍ) كَمَا لَوْ ادَّعَى الْقِنُّ عَلَى سَيِّدِهِ أَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى كَذَا، فَأَنْكَرَ، أَوْ ادَّعَى ذَلِكَ السَّيِّدُ عَلَى قِنِّهِ، فَأَنْكَرَ (فَقَوْلُ مُنْكِرٍ) مِنْهُمَا بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَعَهُ. (وَيَتَّجِهُ) عَلَى مُقْتَضَى مَا ذَكَرُوهُ أَنَّ السَّيِّدَ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ بِكِتَابَةِ رَقِيقِهِ (وَ) أَنَّ رَقِيقَهُ (يَعْتِقُ إذَا ادَّعَاهَا) ؛ أَيْ: إذَا ادَّعَى (السَّيِّدُ) الْكِتَابَةَ (كَمَا يَأْتِي فِي) كِتَابِ (الْإِقْرَارِ) مِنْ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ السَّيِّدُ أَنَّهُ بَاعَ رَقِيقَهُ نَفْسِهِ بِأَلْفٍ عَتَقَ عَلَيْهِ الرَّقِيقُ؛ لِإِقْرَارِ سَيِّدِهِ بِالْكِتَابَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْعِتْقِ، ثُمَّ إنْ صَدَّقَ الرَّقِيقُ سَيِّدَهُ؛ لَزِمَهُ الْأَلْفُ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِتَصْدِيقِهِ، وَإِلَّا يُصَدِّقْهُ الرَّقِيقُ، حَلَفَ، وَبَرِئَ مِنْ الْأَلْفِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ، فَإِنْ نَكِلَ قَضَى عَلَيْهِ الْأَلْفَ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَ) إنْ اتَّفَقَا عَلَى الْكِتَابَةِ، وَاخْتَلَفَا (فِي قَدْرِ عِوَضِهَا) بِأَنْ قَالَ السَّيِّدُ: كَاتَبْتُك عَلَى أَلْفَيْنِ، وَقَالَ الْعَبْدُ: بَلْ عَلَى أَلْفٍ؛ فَقَوْلُ سَيِّدٍ بِيَمِينِهِ، كَمَا لَوْ اخْتَلَفَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute