عَلَيْهَا مُشْرِكَةً.
(وَقَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ فِي جَائِزَةِ السُّلْطَانِ وَمُعَامَلَتِهِ: أَكْرَهُهُمَا) لِمَا فِيهِمَا مِنْ الشُّبْهَةِ، وَقَالَ: جَائِزَتُهُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الصَّدَقَةِ، لِأَنَّ الْجَائِزَةَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَلِلْأَخْذِ فِيهِ شُبْهَةٌ.
(وَقَالَ: هِيَ) ، أَيْ: جَائِزَةُ السُّلْطَانِ (خَيْرٌ مِنْ صِلَةِ الْإِخْوَانِ) ، لِمَا فِي صِلَتِهِمْ مِنْ الْمِنَّةِ، وَأُجْرَةُ التَّعْلِيمِ خَيْرٌ مِنْهَا، وَقَالَ أَيْضًا: لَيْسَ بِحَرَامٍ، وَقَالَ أَيْضًا: يَمُوتُ بِدَيْنِهِ وَلَا يَعْمَلُ مَعَ الْحُكَّامِ. (وَمَعَ ذَلِكَ) ، أَيْ: كَوْنِ الْجَائِزَةِ أَحَبَّ مِنْ الصَّدَقَةِ، (فَقَدْ هَجَرَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ أَوْلَادَهُ وَعَمَّهُ لَمَّا أَخَذُوهَا) ، أَيْ: جَائِزَةَ السُّلْطَانِ وَقَالَ: يَهْجُرُ ابْنَهُ وَيُخْرِجُهُ إنْ لَمْ يَنْتَهِ عَنْ مُعَامَلَةِ السُّلْطَانِ وَأَخْذِ جَائِزَتِهِ. (قَالَ الْقَاضِي) أَبُو يَعْلَى: (وَهُوَ) ، أَيْ: فِعْلُ الْإِمَامِ، (يَقْتَضِي جَوَازَ الْهَجْرِ بِأَخْذِ الشُّبْهَةِ) خِيفَةً مِنْ الْوُقُوعِ فِي الْمُحَرَّمِ.
(وَقَدْ هَجَرَتْ الصَّحَابَةُ بِمَا فِي مَعْنَاهُ) ، أَيْ: أَخْذِ الشُّبْهَةِ، (كَهَجْرِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَنْ ضَحِكَ فِي جِنَازَةٍ، وَ) هَجْرِ (حُذَيْفَةَ مَنْ شَدَّ الْخَيْطَ لِلْحُمَّى) ، لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، (وَ) هَجْرِ (عُمَرَ مَنْ سَأَلَ عَنْ الذَّارِيَاتِ، وَالْمُرْسَلَاتِ، وَالنَّازِعَاتِ) ، لِأَنَّهُ مِنْ السُّؤَالِ عَمَّا لَا يَعْنِي، (وَ) هَجْرِ (عَائِشَةَ لِابْنِ) أُخْتِهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ (الزُّبَيْرِ حِينَ قَالَ: لَتَنْتَهِيَنَّ عَائِشَةُ، أَوْ لَأَحْجُرَنَّ عَلَيْهَا) ، فَإِنَّهَا كَانَتْ تَتَصَدَّقُ بِمَا جَاءَهَا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ ذَلِكَ، فَلَمَّا بَلَغَهَا قَوْلُهُ نَذَرَتْ أَنْ لَا تُكَلِّمَهُ، ثُمَّ اسْتَشْفَعَ بِأَخْوَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَلَّمَتْهُ ".
[فَصْلٌ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ]
(فَصْلٌ) (صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ تُسَنُّ بِفَاضِلٍ عَنْ كِفَايَةٍ دَائِمَةٍ بِمَتْجَرٍ أَوْ غَلَّةٍ أَوْ صَنْعَةٍ عَنْهُ) ، أَيْ: الْمُتَصَدِّقِ، (وَعَمَّنْ يُمَوِّنُهُ) لِحَدِيثِ: «الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute